باب القول في صدقة الفطر
مسألة: [في عدم لزوم الفطرة عن الجنين، وفيمن تلزمه زكاة الفطرة]
  قال: ولا يلزم الرجل إخراجها عن الجنين. وهي تلزم من كان معه يوم الفطر قوت عشرة أيام فما فوقه(١)، فأما من لم يملك ذلك يوم الفطر فلا شيء عليه، وإن جاز عليه يوم الفطر وهو معدم(٢) ثم أيسر فلا شيء عليه.
  وجميع ذلك منصوص عليه في المنتخب(٣).
  قلنا: إن الجنين لا تخرج عنه زكاة الفطر لأنه في حكم عضو من أعضاء الأم وبعض من أبعاضها؛ لأنه داخل في أحكام الأم في حياتها ومماتها، ما لم يعرض أمر يقتضي خلافه، وكذلك إن أسقطته ميتاً لم يغسل، ولم يصل عليه، ولم يفرد بدية كاملة، وإنما يوارى كما يوارى بعض من أبعاضها لو سقط، فلما وجدنا حاله هذه قلنا: إنه لا يجب أن تخرج عنه زكاة الفطر، كما لا يخرج عن سائر أبعاضها.
  فأما من تلزمه زكاة الفطر ففيه خلاف لأبي حنيفة من وجه، وللشافعي من وجه؛ لأن أبا حنيفة يذهب إلى أنها لا تلزم إلا من كان له مائتا درهم بعد الدار والأثاث وما لا يستغنى عنه.
  وقال الشافعي: إنها تلزم من كان له قوت يومه وزيادة صاع يخرجه.
  والدليل على أنه لا اعتبار بالنصاب في زكاة الفطر: قوله ÷: «عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق، إلا صدقة الفطر»(٤) فلم يعلقه بالنصاب، ولم يستثن منه الفقير من الغني.
  وروي: فرض رسول الله ÷ صدقة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، ولم يشترط الغنى ووجوب النصاب.
(١) في (ب): فوق. وفي (د): فوقها.
(٢) في (د): معسر.
(٣) المنتخب (١٨٢).
(٤) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ٣٩) بلفظ: لا صدقة على الرجل في فرسه ولا في عبده إلا زكاة الفطر.