شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 296 - الجزء 2

  على أن الغبار والذباب لا يفسدان الصوم لأنهما وصلا إلى الجوف بغير اختيار الصائم للوصول أو سببه.

  فإن قيل: إذا كان ذلك متولِّداً عن فعل مباح أو مندوب إليه أو واجب لم يفسد صومه.

  قيل له: هذا فاسد بمن قبّل امرأته أو ضمها ثم أنزل؛ ألا ترى أن المفسد للصوم متولد عن فعل مباح؟ وكذلك من أكره على الطعام فأكل، أو مرض مرضاً مخوفاً فأفطر؛ ألا ترى أن المفسد للصوم متولد عن أمر واجب؟ وهو زائد على المندوب، والمسافر مباح له الأكل، ومع ذلك يفسد صومه إذا أكل.

مسألة: [في الغبار والذباب ونحوهما إذا دخل الحلق وفي حكم ذوق الشيء]

  قال: فأما الغبار والذباب والدخان وغير ذلك مما لا يضبط فإن دخوله الحلق لا يفسد الصوم، ولا يلزم القضاء، وكذلك ذوق الشيء بطرف اللسان مثل المضمضة، ولا يفسده ما دخل الفم، ما لم يجر إلى الحلق، من عسل أو خل أو غيرهما.

  جميعه منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  والذباب والغبار ونحوهما لا يفسد بهما الصوم لوجهين: أحدهما: تعذر الاحتراز منها⁣(⁣٢)، فأشبهت الريق.

  والثاني: أنها تصل إلى الجوف بغير اختيار الصائم لها أو لسببها، وعندنا أن ما كان هذا سبيله لم يفسد الصوم.


(١) الأحكام (١/ ٢٣٦).

(٢) في (أ، ج): منهما.