باب القول في نوادر المواريث
  ممن قال بنصف نصيب الذكر ونصف نصيب الأنثى، وهو الصحيح، وذلك أن اعتبار أبي يوسف فاسد من وجهين: أحدهما: أنه جعل للابن أربعة، وجعل للخنثى لو كان بنتاً سهمين، ثم جعل له نصف نصيبه لو كان بنتاً، وهو سهم واحد، ونصف نصيب الذكر، وهو سهمان من أربعة، فصار ثلاثة، فاعتبر نصف نصيبه لو كان أنثى ولم يعتبر نصف نصيبه لو كان ذكراً؛ لأنه لو كان ذكراً لكان له ثلاثة ولأخيه ثلاثة، ونصفه سهم ونصف، وهو قولنا، وإنما اعتبر حال الذكورة بنصيب أخيه، والواجب اعتبار ما كان يستحقه لو كان ذكراً دون ما كان يستحقه أخوه كما اعتبر نصف نصيبه لو كان أنثى.
  والوجه الثاني الذي من أجله قلنا: إن له نصف نصيب الأنثى ونصف نصيب الذكر على ما بيناه فيما تقدم: وهو أنا وجدنا الابن يستحق النصف على التحقيق واليقين، والخنثى تستحق الثلث على اليقين، بقي سدس مشكوك فيه، فجعلناه بينهما؛ لأنه ليس أحدهما أولى به من الآخر على ما تقدم بيانه، وجعل أبو يوسف أربعة أسباع هذا السدس المشكوك فيه - وهو أربعة دوانق من درهم ودانق - للخنثى، وثلاثة أسباعه - وهو نصف درهم من درهم ودانق - للابن، وهذا فاسد لا وجه له؛ لأنه لم يجعله بينهما على السوية كما قلنا في سائر نظائره، ولا اعتبر ما يعتبره في الرد من رده على قدر سهامهما، بل جعل للخنثى أكثر مما جعل للابن، فقد بان فساد اعتباره وصحة اعتبارنا في هذا الباب.
مسألة: [في مواريث الغرقى والهدمى]
  قال: وإذا غرق قوم أو انهدم عليهم بيت فلم يدر أيهم مات قبل صاحبه ورث الأموات بعضهم من بعض، ثم يورث الأحياء من الأموات ما كان لهم في الأصل وما ورثوه، ولا يورث الأموات بعضهم من بعض ما ورثوه(١).
  وفسر يحيى # العمل في ذلك فقال: يجب أن يمات الواحد منهم - أيهم
(١) الأحكام (٢/ ٢٦٦).