شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادة على الزنا

صفحة 196 - الجزء 5

  تتم إلا بالرؤية والمعاينة، وإذا اختلفوا في المكان أو الوقت لم تثبت شهادتهم؛ لأن شهادة كل واحد منهم تكون على غير ما شهد به الآخر؛ لأن الأفعال تتغاير بتغاير الأزمنة والأمكنة، فلا تكون شهادتهم متناولة أمراً واحداً.

  قال أبو حنيفة: إن اختلف الشهود في زوايا البيت قبلت شهادتهم. وبه قال أبو يوسف ومحمد. قال: والقياس يوجب ألا تقبل، لكنها قبلت استحساناً. وعن زفر والشافعي: أنها لا تقبل. وهو الصحيح؛ للوجه الذي بينا أن تغاير الأمكنة يقتضي تغاير الأفعال، وأن شهادتهم لا تكون واقعة على أمر واحد، ألا ترى أنهم لو اختلفوا في البيوت لبطلت شهادتهم؟ فكذلك إذا اختلفوا في الزوايا؛ للعلة التي ذكرناها. وأصحابه خرجوا ذلك على البيت الصغير الذي تتقارب زواياه فيراه بعض الشهود فيقدر أنه أقرب إلى بعض الزوايا وبعضهم يقدره إلى الزاوية الأخرى، أو الحركات تفضي به من زاوية إلى زاوية. وكل ذلك بعيد، وأقل ما فيه أنه شبهة يدرأ بها الحد.

  وأما الشهود فلا يحدون؛ لأن عدد الشهادة قد حصل، فيدرأ عنهم الحد لذلك، أو لأن⁣(⁣١) أقل ما فيه أنه شبهة فيدرأ بها عنهم حد القذف، وهذا مما لست أحفظ فيه⁣(⁣٢) عن غير أصحابنا شيئاً⁣(⁣٣).

فصل: [في صحة الشهادة لو حضر الشهود عند الحاكم متفرقين]

  كلامه في الأحكام يقتضي أن الشهود لو حضروا عند⁣(⁣٤) الحاكم مفترقين صحت شهادتهم، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: إن حضروا مفترقين بطلت شهادتهم وكانوا قذفة.


(١) في (ب): ولأن. وفي (هـ): إذ أقل.

(٢) «فيه» ساقط من (أ، ج).

(٣) «شيئاً» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٤) «عند» ساقط من (أ، ب، ج، د).