شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها

صفحة 452 - الجزء 1

  أنها تجوز إلى حيث توجهت الراحلة، وعليها⁣(⁣١) يدل قول النبي ÷ حين سأله السائل: هل أصلي على ظهر بعيري؟ قال: «نعم، حيث توجه بك بعيرك»، فلم يستثن التكبيرة الأولى من غيرها، وكذلك سائر ما روي عن النبي ÷ في هذا الباب.

  فإن قيل: روى عمرو بن أبي الحجاج، عن الجارود بن أبي سبرة، عن أنس، أن النبي ÷ كان إذا سافر فأراد أن يتطوع بصلاة استقبل بناقته القبلة فكبر، وصلى حيث توجهت الناقة به⁣(⁣٢).

  قيل له: هذا فعل، ولا يدل على أنه لا يجزي سواه، على أنه محمول عندنا على أنه ÷ فعل ذلك في حال لم يكن عليه فيها مشقة، فيكون سبيله سبيل من في المحمل؛ لأنه لما لم يكن عليه مشقة في تحويل وجهه إلى القبلة قلنا: إنه يحول وجهه إليها، فكذا القول في التكبيرة الأولى إذا كانت في حال لا مشقة عليه في تحويل وجهه عندها إلى القبلة، لا لأمر يرجع إلى الفصل بين التكبيرة الأولى وغيرها، بل للفصل بين حال المشقة وغيرها.

مسألة: [في الصلاة في السفينة]

  قال: ومن كان في السفينة صلى كيف ما أمكنه قائماً أو قاعداً، ولا يصلي قاعداً وهو يمكنه القيام، ويتوجه إلى القبلة، ويدور إليها بدوران السفينة ما أمكنه، فإن لم يمكنه أجزأه.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٣)، حيث يقول: وصاحب السفينة يصلي على قدر ما يمكنه ويجد السبيل إليه.

  فكان كالتصريح بأن من وجد السبيل إلى القيام لم يجز له غير ذلك.


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) أخرجه أبو داود (١/ ٣٦٤، ٣٦٥) وأحمد في المسند (٢٠/ ٣٧٧).

(٣) الأحكام (١/ ١٢٤).