شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح

صفحة 98 - الجزء 3

  قيل له: كان القياس ألا يكون سكوتها رضا، وألا يتم العقد إلا بإظهارها الرضا بالنطق أو ما يقوم مقامه، إلا أن الأثر ورد فيها فخصها، فما لم يرد فيه النص فهو مبقى على حكم القياس⁣(⁣١)، يكشف ذلك أن ذلك جعل منها إقراراً ورضاً لما تكون في الأغلب عليه من الحياء، وهذه العلة قد نبهت عليها الآثار الواردة في هذا الباب، وهي لا توجد في⁣(⁣٢) غيرها، فوجب أن تختص هي بذلك دون غيرها ممن⁣(⁣٣) لا يشاركها في علة الحكم.

  وقلنا: إنه إن طلب صداقها كان ذلك إجازة لأن طلب الصداق يتضمن ثبوت النكاح، فمطالبته بالصداق تقرير للنكاح، يدل على ذلك حديث زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # أن رجلاً أتاه فقال: إن عبدي تزوج بغير إذني، فقال له: (فرق بينهما)، فقال السيد لعبده: طلقها يا عدو الله، فقال له علي #: (أجزت النكاح) ألا ترى أن الطلاق لما كان لا يصح وقوعه إلا بعد وقوع النكاح جعل عليٌ مطالبة السيد عبده بالطلاق تقريراً للنكاح.

مسألة: [في انعقاد النكاح بلفظ الهبة]

  قال: وينعقد النكاح بلفظ الهبة كما ينعقد بلفظ التزويج والإنكاح.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٤)، وأباه في المنتخب، وكان أبو العباس الحسني يجعل الأصح فيه رواية الأحكام، وكان يتأول رواية المنتخب على ما نص عليه في الأحكام، ويقول: إن ذلك يكون إذا لم يكن المراد به الإنكاح، وكلامه في النصوص يدل على أن كل لفظ يوجب تمليك الأعيان يجوز به النكاح، دون ما يقتضي الإباحة والتحليل وما جرى مجراهما، وهو قول أبي


(١) في (ج): على الحكم حكم القياس. وفي (د): على حكمه بالقياس.

(٢) في (أ، ج، د): من.

(٣) في (د): مما. وفيها: ممن. نسخة.

(٤) الأحكام (١/ ٣٣٩).