باب القول في الوكالة
  وذلك كأن يشتري عبداً بألف وقد وكله بشرائه بخمسمائة، أو يبيع عبداً بألف وقد أمره أن يبيعه بألفين، فهذا لا يلزم الموكل؛ لأنه لم يكن(١) وكيلاً له فيما فعل، ولا يستحق أجرة؛ لأنه لم يفعل ما هو وكيل فيه، وإنما فعل ما لم يوكله(٢) فيه، وهذا يجري مجرى أن يبتدئ عملاً من غير أمر الموكل.
مسألة: [فيما فعله الوكيل بعد عزله قبل أن يبلغه العزل]
  قال: وإذا وكل رجل رجلاً ببيع مال أو شرائه أو قبض دين ثم فسخ وكالته ولم يبلغ الوكيل ذلك فأمضى ما وكل فيه قبل أن يبلغه عزله جاز ما أمضاه ونفذ(٣).
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وهو(٤) أحد قولي الشافعي، وبه قال بعض الإمامية.
  ووجهه: أنه بمنزلة أوامر الله تعالى ونواهيه في أن أحكامها تتعلق بنا بأن نعرفها وتبلغنا(٥) دون وجودها في ذواتها، فكذلك العزل؛ لأنه نهي عن التصرف على وجه تتعلق بنا حقوقه. وأيضاً قد ثبت أن من أباح له سكنى داره أو لبس ثيابه(٦) فإنه لا يأثم بسكنى الدار ولبس الثياب ما لم يعلم أنه محظور عليه، وأن صاحبهما لو حظر ذلك لم يخرج من حكم الإباحة حتى يبلغه الحظر، فكذلك الوكيل؛ لأن الوكيل مأمور، فهو في حكم المأمور حتى يبلغه النهي. وأيضاً لو لم نقل ذلك كنا أدخلنا الضرر على الوكيل؛ لأن من وكل غيره بشراء شيء لو اشتراه بعد العزل وقبل العلم به فيجب أن يلزمه الشراء لو لم نلزمه
(١) في (ب، د، هـ): لأنه لا يكون.
(٢) في (هـ): يوكل.
(٣) المنتخب (٥٧٩).
(٤) في (أ، ب، ج، هـ): وهذا.
(٥) «وتبلغنا» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٦) في شرح القاضي زيد: من أبيح له سكنى دار ولبس ثوب.