باب القول في كيفية وجوب الحج وذكر فروضه
  عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج، ومن فاتته عرفة فاته الحج»(١).
  على أن الإمامية رووا أنه لا يجوز الوقوف بعرفة عند الأراك، ورووا أن أصحاب الأراك لا حج لهم، فإذا كان العدول في الوقوف بعرفة من موضع إلى موضع يبطل الحج فالأولى أن يبطل حج من لم يقف أصلاً.
  وكذلك لا خلاف أن طواف الزيارة لا يجبر بدم، وأن الإتيان به واجب.
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ اِ۬لْعَتِيقِۖ ٢٧}[الحج].
  وقد اختلف في غير ما ذكرنا هل له جبر إذا فات؟ وعند يحيى ما عدا هذه الثلاثة يجبر، وسنذكر ما يجب في ذلك في مواضعه.
مسألة: [في وجوب الوقوف بالمشعر الحرام وعدم وجوب العمرة]
  وأشار القاسم إلى وجوب الوقوف بالمشعر الحرام، وإلى أن العمرة غير واجبة.
  المسألتان على ما ذكرناه مذكورتان في مسائل النيروسي.
  وإذا قلنا بوجوب الوقوف بالمشعر فلسنا نريد أن الحج يفوت بفواته كالوقوف بعرفة، وإنما المراد أنه يجب وجوب الرمي والبيتوتة بمنى ونحوه، والذي يدل على ذلك قول الله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٖ فَاذْكُرُواْ اُ۬للَّهَ عِندَ اَ۬لْمَشْعَرِ اِ۬لْحَرَامِۖ}[البقرة: ١٩٧]، والذكر هناك لا يكون إلا مع الكون فيه.
  ويدل على ذلك أن النبي ÷ وقف فيه(٢)، وقال: «خذوا عني مناسككم»(٣)، وقال ÷: «من شهد معنا هذه الصلاة - صلاة الفجر - بالمزدلفة وقد كان وقف بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه».
(١) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٢٢٥).
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ٨٨٦ إلى ٨٩٢)، وأبو داود (٢/ ٤٨ - ٥٢) في حديث جابر في صفة حج النبي ÷.
(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٩٤٣)، وأبو داود (٢/ ٦٦).