باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز
  أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً فضلت البنات»(١) فلم يفرق بين الذكر والأنثى في المساواة.
  قيل له: الجواب عن هذا ما تقدم من أن هذا يقتضي التسوية، والمرجع في التسوية إلى الدلالة.
مسألة: [في المفاضلة بين الأولاد في الهبة]
  قال: فإن وهب لبعضهم أكثر مما يهبه للآخر لا على طريق المكافأة جازت الهبة إلى الثلث، ولم يجز فوقها(٢).
  هذه رواية المنتخب(٣)، ومبني على أن الإنسان لا يهب أكثر من الثلث في صحته كما لا يهب في مرضه.
  فأما في الأحكام(٤) فإنه ذكر أنه لا يجوز إلا التسوية، ولم يذكر كيف يكون حاله لو فاضل بينهم، إلا أن كلامه هذا يدل على أنه لو فعل لم يجب أن ينقض؛ لأن الرواية التي يعمل بها هي رواية الأحكام في أن الصحيح يهب من ماله ما شاء، وأن حكم الثلث وحكم الجميع سواء، فإذا نص هو في المنتخب على أن المفاضلة في الجميع(٥) تصح إذا فعلها وإنما يكره له ذلك ويؤمر فيما بينه وبين الله - ø - في المساواة بينهم. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي.
  وحكي عن قوم متقدمين من أصحاب الحديث مثل ابن راهويه ومن جرى مجراه إبطال ذلك، فإنهم تعلقوا بالروايات التي وردت في قصة النعمان.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه ليس في شيء من هذه الألفاظ المروية ما يدل على أن
(١) أخرجه بهذا اللفظ الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٢٥)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٩٤) والطبراني في الكبير (١١/ ٣٥٤) بلفظ: لفضلت النساء.
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) المنتخب (٥٣١، ٥٣٢).
(٤) الأحكام (٢/ ١٤١).
(٥) لعل هنا ساقطاً. (من هامش د).