شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المياه

صفحة 187 - الجزء 1

  وهذا الجواب يصح أن يجاب به على من زعم أن الماء المستعمل لو كان لا يجوز التطهر به لكان لا يجوز أن يوضع على اليد ثم ينقل إلى المرفق، أو على الجبهة ثم ينقل إلى أسفل الوجه؛ إذ قد بينا أن الماء لا يصير مستعملاً حتى يفارق العضو.

  فإن قيل: قد روي أن المسلمين كانوا يتمسحون بفضل وضوء رسول الله ÷ على سبيل التبرك.

  قيل له: عن هذا جوابان:

  أحدهما: أنه يجوز أن يكونوا تمسحوا بما فضل عنه دون ما تساقط عن أعضائه، وهو فعل لا يدعى فيه العموم.

  والثاني: أنه وإن سلم أنه أريد به المتساقط من أعضائه فليس في الخبر أن الناس توضؤوا به رافعين للحدث⁣(⁣١)، وهذا إنما يحج من ادعى تنجيسه.

فصل: [في أن الماء المستعمل طاهر غير مطهر]

  ليس ليحيى بن الحسين # نص في تنجيس الماء المستعمل، مع أنه قد ذكره ومنع التوضؤ به، فالأقرب أنه كان يذهب إلى أنه طاهر؛ إذ لو كان عنده نجساً لذكر تنجيسه، فكان يكتفي به عن ذكر المنع من التطهر به.

  وكان أبو العباس الحسني يخرج تنجيسه على قوله في باب الذبائح: ولا بأس بذبيحة الجنب والحائض⁣(⁣٢)؛ لأن نجاستهما لا تمنع من أكل ذبيحتهما. فلما وصفهما بالنجاسة علم أن الماء الذي يغتسلان به يجب تنجيسه. وهذا بعيد؛ لأن وصفه لهما بالنجاسة على سبيل التجوز، والمراد به أنه يجب عليهما الاغتسال.

  يبين ذلك ما ذكره # في كتاب النكاح: أنه يجوز للرجل أن يدنو من امرأته وهي حائض ما دون الإزار، ولا ينبغي أن يدنو من فرجها، ولا أن يقرب من


(١) في (ب، د): الحدث.

(٢) لفظ الاحكام (٢/ ٣٠٤): ولا بأس بذبيحة الجنب والحائض في حال نجاستهما.