شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أحكام الوصايا

صفحة 469 - الجزء 5

باب القول في أحكام الوصايا

  لو أن رجلاً أوصى لرجلٍ بثلث ماله ولآخر بنصفه وامتنع الورثة من إجازته كان الثلث بينهما على خمسة أسهم: لصاحب النصف ثلاثة أسهم، ولصاحب الثلث سهمان⁣(⁣١).

  وبه قال أبو يوسف ومحمد والشافعي في هذه المسألة ونظائرها، وحكى الطحاوي في اختلاف الفقهاء ذلك عن ابن أبي ليلى وابن شبرمة ومالك والثوري. وقال أبو حنيفة: الثلث بينهما نصفان على سواء، قال: لأن الموصى له بالنصف لا يضرب في الثلث بما سمي له مما زاد على الثلث، كأنما أوصي له بالثلث فقط، فيستوي هو والموصى له⁣(⁣٢) بالثلث.

  فأما إن أوصى لعدة من الناس: لبعضهم بالثلث، ولآخر بالربع، ولآخر بالسدس، ولآخر بالثمن، بعد ألا يكون سمى لأحد منهم ما زاد على الثلث فلا خلاف أن الجميع يتضاربون في الثلث على قدر أنصبائهم من الوصية.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة في الوصية بالدراهم مرسلة أنها وإن زاد نصيب بعضهم على الثلث أنهم جميعاً يتضاربون في الثلث، فوجب أن يكون ذلك حكم الوصية المعينة؛ لعلة أنه ضربٌ بالحصص الموصى لهم بها. ويمكن أن نجعل الوصية لكل واحد منهم بالثلث فما دونه أيضاً أصلاً ونقيس عليه بالعلة التي ذكرناها، ويمكن أن يقال: إن العلة في ذلك أن الموصي لم يرض إلا أن يكون بين الذي يصيب كل واحدٍ منهم التفاوت الذي ذكره.

  فإن قيل: الفصل بين الأصل والفرع الذي ذكرتم أن في أحد الأصلين - وهي الدراهم المرسلة - يجوز أن يبلغ المال مبلغاً يخرج الوصية تامة من الثلث، وليس كذلك الوصية بجزء من المال معين.


(١) الأحكام (٢/ ٢٧٢).

(٢) في (ب): هو ومن أوصى له.