شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 373 - الجزء 2

  فإن قيل: روي عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، أنه قال: ما أهل رسول الله ÷ إلا من المسجد يعني: مسجد⁣(⁣١) ذي الحليفة⁣(⁣٢).

  قيل له: نحن نقول بالخبرين جميعاً، فنقول: إنه يحرم في المسجد إذا صلى ثم يلبي، ثم يأخذ في غيره من الذكر حتى يستوي على ظهر البيداء، ثم يبتدئ التلبية منها، فنكون قد استعملنا الأخبار كلها.

  وقلنا: كلما علا نشزاً كبر وكلما انحدر لبى، ولا يغفلُ التلبية الوقت بعد الوقت - لما روي عن النبي ÷ أنه كان يفعل ذلك ويستحبه، واستحبه العلماء بعده، ولأن التلبية جارية في الإحرام مجرى التكبير من الصلاة، فكما استحب التكبير عند التنقل في الأحوال في الصلاة فكذلك تستحب التلبية عند التنقل في الأحوال في الإحرام.

مسألة: [في المرأة تحرم للحج تطوعاً بغير إذن زوجها]

  قال: ولو أن امرأة أحرمت بغير إذن زوجها بعد حجة الإسلام فهو في أمرها بالخيار: إن أحب أن يمضي بها حتى تقضي ما أوجبته على نفسها فعل، وإن أحب أن يمنعها من ذلك وينقض إحرامها إن كان لا يقدر على الذهاب بها نقضه وبعث عنها ببدنة، فتنحر عنها، ويعتزلها إلى اليوم الذي أمر بنحرها.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٣).

  ووجه قولنا: إن للزوج أن يمنعها من الإحرام إذا لم تكن حجتها حجة الإسلام قوله ÷: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها»⁣(⁣٤)، فإذاً ثبت⁣(⁣٥) بهذا الخبر أنها ممنوعة من حج التطوع؛ لأن


(١) في (أ، ج، د): يعني من مسجد.

(٢) أخرجه البخاري (٢/ ١٣٧) ومسلم (٢/ ٨٤٣) وفيهما: إلا من عند المسجد.

(٣) الأحكام (١/ ٣٠٧).

(٤) أخرج نحوه المرشد بالله في الخميسية (٢/ ١٤٥) وأبو داود (٢/ ٢٠٠) وابن ماجه (١/ ٥٦٠).

(٥) في (أ): يثبت.