باب القول في الضوال واللقط
  موكولاً إلى رأي الإمام، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك؛ لأن له أن يأخذ من بيت مال المسلمين لمصالحهم ما رأى أخذه، وله أن يستقرض ما رأى استقراضه، فإن كان استقرضه على صاحبها فله أن يأخذ بدله منه.
مسألة: [في رد الضالة إلى من ادعاها]
  قال: وكل من ادعى ضالة وأقام عليها البينة دفعت إليه(١).
  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن النبي ÷ قال في حديث أبي بن كعب حين وجد صرة فيها مائة قفلة: «عرِّفها حولاً، فإن وجدت من يعرفها فادفعها إليه»(٢).
  وفي حديث زيد بن خالد الجهني أن رسول الله ÷ قال: «عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفع بها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء صاحبها يوماً من الدهر فأدها إليه»(٣)، ولقوله: «ضالة المؤمن حرق النار»، وذلك يوجب ردها عليه؛ لأنه جارٍ مجرى قوله ø: {إِنَّ اَ۬لذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَٰلَ اَ۬لْيَتَٰمَيٰ ظُلْماً ...} الآية [النساء: ١٠]، وقال تعالى: {۞إِنَّ اَ۬للَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ اُ۬لْأَمَٰنَٰتِ إِلَيٰ أَهْلِهَا}[النساء: ٥٧]، ولا خلاف أن الضوال واللقط أمانات لأهلها في يد الملتقط.
مسألة: [في وجوب التعريف بالضالة والإنفاق عليها وفي الرجوع بالنفقة على صاحبها]
  قال: فإن وجد الضالة في وقت ليس فيه إمام فعليه حفظها وتعريفها والإشادة بذكرها والإنفاق عليها، فإذا أتى صاحبها ضمن لمن هي معه ما أنفق عليها(٤).
  وجب التعريف بها والإشادة لأن النبي ÷ أمر بهما في أخبار كثيرة رويت في هذا الباب، منها ما ذكرناه في المسألة التي قبلها.
  وروي أيضاً في حديث أُبَيّ أن النبي ÷ قال له: «عرفها، فإن وجدت
(١) الأحكام (٢/ ١٤٨).
(٢) أخرجه محمد بن منصور في الأمالي (٤/ ٢١٤) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٣٧).
(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ٤٢١) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٣٤).
(٤) الأحكام (٢/ ١٤٨).