شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في العدة

صفحة 361 - الجزء 3

  على أن قياسنا يقتضي عبادة زائدة وحظراً واحتياطاً، فهو أولى مما ذكروه.

  على أنا قد علمنا أن تكليف الاعتداد يتعلق بالعلم بالسبب الموجب له، ألا ترى أنه لا خلاف في أنها لو علمت بالوفاة قبل مضي أربعة أشهر وعشر لزمها الاعتداد والإحداد في باقي المدة؟ فدل ذلك على أن الاعتبار في ذلك بالعلم، فإذا ثبت ذلك ثبت أن اعتبارنا أولى من اعتبارهم؛ لأنهم يعتبرون بحصول الوفاة.

مسألة: [في عدة المتوفى عنها إذا كانت حاملاً]

  قال: فإن كان المتوفى عنها زوجها حبلى فعدتها آخر الأجلين.

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١)، وهو قول أمير المؤمنين #، رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $(⁣٢).

  ورواه هناد، قال: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: كان علي # يقول: (عدتها آخر الأجلين)، وروى هناد بإسناده أنه قول الشعبي.

  والذي يدل على ذلك قول الله ø: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}⁣[البقرة: ٢٣٤] فأوجب على كل من توفي عنها زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشراً، وهي بعد حامل، فعليها أن تعتد حتى تضع ما في بطنها؛ لقول الله تعالى: {وَأُوْلَٰتُ اُ۬لْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّۖ}⁣[الطلاق: ٤] على أن هذا مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف إذا وضعت قبل مضي أربعة أشهر وعشر، والآية الأولى قد دلت على قولنا فيها.

  فإن قيل: فقد روي عن ابن مسعود أنه قال: من شاء لاعتنه أن قوله تعالى: {وَأُوْلَٰتُ اُ۬لْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّۖ} نزلت بعد قوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}⁣(⁣٣).


(١) المنتخب (٢٥٩).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢٢٠).

(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ١٦١) والنسائي (٦/ ١٧٩).