شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح

صفحة 70 - الجزء 3

  لأنه يصير في حكم المجاوز للحكم، يكشف ذلك ما اتفقنا عليه أن تعليق الكفارة بالحنث أولى، وكونه سبباً أولى من كون اليمين [سبباً]⁣(⁣١)، ولهذا امتنع أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة من القول بأن اليمين أحد سببي الكفارة، وقالوا: إن سببها الحنث، فقد بان بهذين الوجهين أن فراش الثاني أقوى، فإذا ثبت أنه أقوى وجب إلحاق الولد به. على أنه قد روي عن أبي حنيفة أن امرأة المفقود لو تزوجت لنعيٍ ورد عليها بعد انقضاء أربعة أشهر وعشر، وجاءت بولد، ثم جاء الزوج الأول - ألحق الولد بالثاني، وروي أنه هو القول المرجوع إليه، وإن كان روي عنه أنه للأول، والرواية التي ذكرناها تبين أنه رأى فراش الثاني أقوى، فوجب ذلك في مسألة المعتدة.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن فراش الأول يجب أن يكون أقوى؛ لأن نكاحه كان في الأصل صحيحاً، ونكاح الثاني كان فاسداً؟

  قيل له: الكلام في الفراشين دون السببين، ونحن إنما نراعي قوة الفراشين دون قوة سببهما. على أن فراش الثاني ثبت بالوطء، والوطء لا يصح أن يقال فيه: إنه صحيح أو فاسد؛ لأن ذلك إنما يقال في العقد، فسقط هذا الاعتراض.

مسألة: [في أن المنكوحة في عدتها تستبرئ من ماء الثاني ثم تكمل عدتها من الأول]

  قال: وعلى المرأة أن تستبرئ من ماء الثاني ثم تبني على ما مضى من عدة الأول التي قطعتها بالتزويج حتى تتمها، فإذا خرجت من عدتها تزوجت أيهما شاءت أو غيرهما.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  وقال الشافعي مثل قولنا في أنها لا بد لها من العدتين، وهو قول إبراهيم والشعبي، روى ذلك عنهما هناد بن السري، وقال أبو حنيفة: إحدى العدتين تدخل في الأخرى.


(١) ما بين المعقوفين مظنن به في (د) ونسخة.

(٢) الأحكام (١/ ٣٣٢).