شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع

صفحة 311 - الجزء 3

باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع

  لا يقع⁣(⁣١) الطلاق إلا بالنية، وهذا مما دلت عليه فتاوى يحيى بن الحسين # في الأحكام وغيره.

  والدليل على ذلك: قول الله ø: {فَإِن فَآءُو فَإِنَّ اَ۬للَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞۖ ٢٢٤ وَإِنْ عَزَمُواْ اُ۬لطَّلَٰقَ فَإِنَّ اَ۬للَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞۖ ٢٢٥}⁣[البقرة] فجعل حكم المولي الفيئة⁣(⁣٢) أو إرادة الطلاق، فثبت أن الطلاق لا يقع دونها. وأيضاً روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى»، فقصر ما له على ما نواه، فمن لم ينو الطلاق فيجب ألا يكون له طلاق.

  فإن قيل: فقد روي: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، إحداهن الطلاق».

  قيل له: هذا يقتضي وقوع طلاق الهازل فقط، والهازل قد يكون قاصداً، فليس فيه خلاف لما ذهبنا إليه.

  ولا خلاف في الكنايات أنها لا توجب الفرقة ما لم ينو بها الطلاق، فكذلك الصريح، والمعنى أنه لفظ له مدخل في إيقاع الفرقة. ولا خلاف أيضاً أن من أتى بلفظ الطلاق على وجه الحكاية وما جرى مجراها لم تقع الفرقة، فكذلك ما اختلفنا فيه، والمعنى أنه لفظ طلاق لم تقارنه النية.

  وإذا حصل الوفاق بيننا وبين الشافعي أن طلاق المكره لا يقع فيجب ألا يقع طلاق من لم⁣(⁣٣) يقصد إلى الطلاق، والعلة عدم القصد، يدل على ذلك أنه لو قصد إلى إيقاع الطلاق في حال الإكراه لوقع بالاتفاق⁣(⁣٤)، فبان أن المانع من وقوعه هو عدم القصد.


(١) في (د): لا يصح.

(٢) في (أ، د): بالفيئة.

(٣) في (أ): لا. وفيها: «لم» نسخة.

(٤) في المخطوطات: الاتفاق. والمثبت من شرح القاضي زيد.