باب القول في اللعان
مسألة: [فيما يوجب اللعان]
  قال: ويقع اللعان بين الرجل وزوجته إذا نفى ولدها، أو بالزنا قذفها، ولم يأت عليها بأربعة يشهدون على لفظه.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١)، وهذه الجملة مما لا خلاف فيها بين العلماء، وهي دالة على أن من نفى حمل امرأته لم يلاعنها إلا بأن تضع لدون ستة أشهر؛ ليحصل اليقين بنفي الولد على الحقيقة، وهكذا خرجه أبو العباس الحسني | في النصوص، وهو قول أبي يوسف ومحمد.
  قال أبو حنيفة: لا يلاعن وإن ولدت بعده بيوم أو أكثر أو أقل.
  وقال الشافعي: يلاعن على الأحوال كلها. وحكي نحوه عن مالك.
  فأما الوجه فيما ذهبنا إليه من أنه لا لعان إن جاءت بولد بعد ستة أشهر خلافاً للشافعي: أنه لا يقين بأن هناك ولداً منفياً، فوجب أن يسقط اللعان؛ لأن اللعان يجب للقذف، أو نفي الولد لما يتضمن من معنى القذف، وهاهنا لم يحصل(٢) واحد منهما على الحقيقة، وكما لم يعلم أنه ناف للولد لم يلزمه اللعان؛ دليله نفي الولد ولا حمل أصلاً؛ بأن تكون المرأة صغيرة أو آيسة.
  فإن قيل: فقد روي أن النبي ÷ لاعن لنفي الولد وهي بعد حامل.
  قيل له: في الخبر ما يدل على أنه كان قذفها بالزنا صريحاً، ومن فعل ذلك لزمه اللعان، كانت امرأته حاملاً أو حائلاً؛ لأن اللعان يكون إذ ذاك للقذف بالزنا لا لنفي الحمل.
  فإن قيل: فالحمل(٣) محكوم به قبل الولادة؛ بدلالة قوله تعالى: {وَأُوْلَٰتُ اُ۬لْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّۖ}[الطلاق: ٤] وقوله: {وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمْلٖ
(١) الأحكام (١/ ٤١٩).
(٢) في (ج، د): يتحصل.
(٣) في (ج، د): فالمحمول.