باب القول في الشهادات
  من الشهود من يثبت الحق بشهادتهم، وهو الصحيح عندي، والله أعلم.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن يضمن قسط شهادته(١) من المال؛ لأنه مقر أنه أتلف جزءا من المال؟
  قيل له: إذا بقي من الشهود من يستحق بشهادتهم(٢) المال المشهود به وكان الحكم قد نفذ بذلك فكأن الحاكم قد حكم ببطلان إقراره؛ فلذلك لا يضمن، والإقرار قد يبطل بأمور كثيرة، فلا يمتنع(٣) أن يبطل بحكم الحاكم بإبطاله فلا يضمن.
  فإن رجع معه آخر فيجب أن يضمنا ثلثي المال(٤) كذلك كل واحد ثلثاً.
مسألة: [فيما يجب لمن ادعى على غيره عشرين وأتى بشاهدين على إقراره بعشرة وشاهدين آخرين على إقراره بعشرة في مكان آخر]
  قال: وإذا ادعى رجل على رجل عشرين ديناراً، وأتى بشاهدين يشهدان على إقراره بعشرة دنانير، وأتى بشاهدين آخرين على إقراره بعشرة دنانير في غير المكان الذي أقر فيه أولاً، وجب للمدعي عشرون ديناراً.
  هذه رواية المنتخب(٥).
  وقال في الفنون(٦): يكون ذلك عشرة واحدة إلا أن يقيم المدعي البينة أن كل واحدة منهما غير صاحبتها فيكون عشرين ديناراً.
  ووجه ما ذكره في المنتخب: أنه إذا قال: له علي عشرة دنانير كان ذلك
(١) في (أ، ج): قسط الحق بشهادته.
(٢) في (أ، ج): شهادتهم.
(٣) في (أ، ج): يمنع.
(٤) والمذهب يضمنان نصف المال على قدر ما انخرم من نصاب الشهادة كما في شرح الأزهار وهامشه (٨/ ٥٢٦).
(٥) المنتخب (٥١٦).
(٦) الفنون (٦٩٥، ٦٩٦).