شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

صفحة 335 - الجزء 5

مسألة: [في أن جراحات العبيد تكون على قدر قيمهم]

  قال: وجراحات العبيد على قدر قيمهم، في عين العبد نصف قيمته، وفي جائفته ثلث قيمته، وفي ذكره قيمته، وفي أنثييه قيمته⁣(⁣١).

  وبهذه الجملة يقول أبو حنيفة والشافعي، وإن كان في بعض التفاصيل خلاف، قال أبو يوسف ومحمد: يلزمه ما نقص منه.

  والأصل في هذا ما قدمناه من أن ضمان الجنايات عليهم مثل ضمان الجنايات على الأحرار، وقد روى ذلك زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # أنه قال: (تجري جراحات العبيد على نحو من جراحات الأحرار: في عينه نصف ثمنه، وفي يده نصف ثمنه)⁣(⁣٢). وإذا ثبت أن الجناية عليه مما تحمله العاقلة، وتتعلق به الكفارة والقصاص - وجب أن تجري جراحاته من قيمته مجرى جراحات الحر من ديته، ولما بيناه من قبل أن أحواله بأحوال الحر أشبه منه بأحوال البهائم، فوجب أن يجرى مجرى الحر، وعامة ما تقدم ذكره يمكن أن يعتمد عليه في هذه المسألة.

  فإن قيل: كيف يجوز أن يجتمع لصاحبه عينه وبدله أو أكثر منه، وذلك كأن يقطع قاطع يديه ويفقأ عينيه؟

  قيل له: ذلك ليس ببدل له وإن كان مقدار البدل، وإنما هو بدل ما استهلك من أعضائه بحكم الشرع، فلا يمتنع أن يحصل لمالكه مع عينه، ألا ترى أنه غير ممتنع أن يؤاجره صاحبه مدة طويلة ويجني عليه جان جناية توجب أخذ النقصان، فيجتمع من أجرته وأرش نقصانه ما يوفي على قيمته، فيكون قد حصل لصاحبه عينه مع أزيد من بدلها؟ فإذا جاز⁣(⁣٣) ذلك لم يمتنع ما قلناه.


(١) الأحكام (٢/ ٢٢٤، ٢٢٦) والمنتخب (٥٩٧).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٤).

(٣) في (ب، د، هـ): ثبت.