شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 233 - الجزء 2

  تقدمته⁣(⁣١) عشر وعشر، بل لا يمتنع أن يكون المتقدم له عشراً وتسعاً، على أنه لا يمتنع أن يطلق اسم العشر الأواخر على التسع على سبيل التوسع، كما أجري اسم الأشهر على شهرين وعشرة أيام، حيث يقول تعالى: {۞اِ۬لْحَجُّ أَشْهُرٞ مَّعْلُومَٰتٞۖ}⁣[البقرة: ١٩٦]، وكما سمت العرب عِشْراً وعِشْراً ويومين عشرين؛ لأن العِشْر عندهم من إظماء الإبل، وهو اسم لتسعة أيام.

  فإن قيل: روي عنه ÷ أنه قال: «شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة»⁣(⁣٢).

  قيل له: ليس في الحديث أن عدد أيامهما لا ينقص، ويحتمل أن يكون المراد أن أحكامهما لا تتناقص وإن كانا ثلاثين أو تسعاً وعشرين؛ لأن في أحدهما الصوم، وفي الآخر الحج.

مسألة: [في أن من رأى هلال شوال قبل الزوال يتم صومه]

  قال القاسم # فيمن رأى هلال شوال قبل الزوال: إن الأولى أن يتم الصوم ويؤخر الإفطار إلى الغد.

  وهذا منصوص عليه في مسائل النيروسي. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي.

  وقال الناصر # والإمامية وأبو يوسف: إن رؤي قبل الزوال أفطر، وإن رؤي بعد الزوال أخر الإفطار إلى الغد.

  ووجه ما ذهبنا إليه: قول الله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ اُ۬لصِّيَامَ إِلَي اَ۬ليْلِۖ}⁣[البقرة: ١٨٦]، فلا يجوز الإفطار في بعض النهار؛ لإيجاب الله تعالى علينا الإتمام إلى الليل.

  ويدل على ذلك قوله ÷: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته»، فجعل ÷ الرؤية علماً للصوم والإفطار، فيجب أن تكون قبلهما، كما أن الله تعالى جعل الدلوك علماً لوجوب الصلاة بقوله عز من قائل: {أَقِمِ اِ۬لصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ


(١) في (د): تقدمه.

(٢) أخرجه البخاري (٣/ ٢٧)، ومسلم (٢/ ٧٦٦).