باب القول في أمان أهل الإسلام لأهل الشرك
مسألة: [في قول الإمام بعد افتتاح عسكره لبلد: إنه كان أمنهم]
  قال: ولو أن عسكر الإمام افتتحوا بلداً من بلاد الحرب فقال الإمام: لم أكن أمرتكم بافتتاح هذا البلد، وإني كنت أمنتهم - كان مصدقاً، ووجب ردهم إلى مأمنهم، وترك التعرض لهم(١).
  وذلك أن الإمام(٢) له أن يحكم بعلمه [وحكمه نافذ في جميع المسلمين، فإذا قال: كنت أمنتهم جرى ذلك مجرى الحكم لهم، ولا يحتاج في ذلك إلى البينة، كما أنه لو علم أن لزيد على عمرو مالاً جاز له أن يحكم بعلمه](٣) وإن لم تكن له(٤) بينة، والكلام في أنه يحكم بعلمه قد مضى في كتاب القضاء والأحكام.
مسألة: [في أمان المسلم الأسير في يد أهل الحرب لبعض المشركين]
  قال: ولو أن أسيراً من المسلمين في يد أهل الحرب أمن بعضهم وهو في أيديهم لم يجز أمانه على المسلمين(٥).
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
  ووجهه: أنه مقهور في أيديهم، فهو بمنزلة المكره. وأيضاً هو غير متمكن من القتال، فهو بمنزلة الصبي، وليس يلزم عليه العبد والمرأة؛ لأنهما متمكنان من القتال وإن لم يكونا من أهله؛ ولأنهما يحرضان ويعينان، وكذلك المريض يحرض ويعين، وليس كذلك الأسير.
(١) الأحكام (٢/ ٤٠٧).
(٢) «أن الإمام» ساقط من (أ، ج).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٤) «له» ساقط من (ب، د، هـ).
(٥) الأحكام (٢/ ٤٠٧).