باب القول في شهادة النكاح
  وعند مخالفينا؛ لأنه لا خلاف بيننا وبينه في أن شهادته لا يحكم بها بتة، ويحكم عندنا وعندهم بشهادة أهل الذمة إذا شهدوا على أهل ملتهم.
  فأما تعلقهم بعموم قوله: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين» فلا وجه له؛ لأن الزيادة في الخبر يجب أن تكون مقبولة، كيف وقد قالوا هم: إن زيادة اللفظ أولى من زيادة المعنى، وفي خبرنا لفظ زائد، وهو قوله: «وشاهدي عدل». على أنا نخص خبرهم بخبرنا؛ لأنا نبني العام على الخاص.
مسألة: [في الإقرار بالنكاح من الرجل والمرأة]
  قال: ولو أن رجلاً وامرأة أقر كل واحد منهما أنه زوج صاحبته وزوجة صاحبها جاز إقرارهما، فإن أقرا بنكاح من غير شهود كان النكاح باطلاً، وإن ادعيا غيبة الشهود أو موتهم جاز إقرارهما، فإن اتهم أمرهما استبحث عن حالهما احتياطاً واستحباباً.
  نص في الأحكام(١) على أن إقرارهما بالنكاح جائز، فاقتضى ذلك أن ادعاءهما موت الشهود أو غيبتهم لا يمنع من جواز إقرارهما، ولا يكون ذلك إلا إذا لم يكن هناك ما يبطل إقرارهما، ودل كلامه في المنتخب(٢) على باقي ما ذكرناه.
  ما ذكرناه(٣) من أن إقرارهما بالنكاح جائز إذا لم يكن هناك ما يبطل الإقرار مما لا خلاف فيه؛ لأن كل واحد منهما أقر على نفسه بحق للغير، فوجب أن يلزمه ويثبت مثل سائر الحقوق إذا وقع الإقرار بها.
  وقلنا: إنهما إذا أقرا بنكاح من غير شهود كان النكاح باطلاً لأنهما أقرا بأن النكاح الذي كان بينهما كان فاسداً، فوجب لذلك بطلانه، فأما ادعاؤهما موت الشهود أو غيبتهم فلا يقدح في إقرارهما؛ فلذلك أجزنا إقرارهما.
(١) هو في المنتخب (٢٤٤، ٢٤٥).
(٢) المنتخب (٢٤٤، ٢٤٥).
(٣) «ما ذكرناه» ساقط من (أ، د).