شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 220 - الجزء 6

مسألة: [في شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض]

  قال: ولا تجوز شهادة اليهود على النصارى، ولا شهادة النصارى على اليهود؛ لاختلاف مللهم⁣(⁣١).

  وشهادة اليهود على اليهود والنصارى على النصارى جائزة تخريجاً.

  اختلفوا في هذه المسألة، فذهب الشافعي إلى أن شهادة أهل الذمة غير مقبولة غير جائزة على وجه من الوجوه، وذهب أبو حنيفة إلى أن شهادة أهل الذمة جائزة بعضهم على بعض، وأجاز شهادة اليهود والنصارى بعضهم على بعض، وقال ابن أبي ليلى مثل قولنا، وكذلك الأوزاعي والحسن بن صالح بن حي والليث، ذكره الطحاوي في اختلاف الفقهاء⁣(⁣٢)، وحكي ذلك عن كثير من المتقدمين.

  والأصل في قبول شهادة أهل الذمة: قول الله تعالى: {۞يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ شَهَٰدَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ} ... إلى قوله: {أَوْ ءَاخَرَٰنِ مِنْ غَيْرِكُمْ}⁣[المائدة: ١٠٨]، والظاهر أنه أراد بقوله: {مِنْ غَيْرِكُمْ} من غير المؤمنين؛ لأن الخطاب ورد للمؤمنين ثم قال ø: {أَوْ ءَاخَرَٰنِ مِنْ غَيْرِكُمْ}⁣[المائدة: ١٠٨]، تقديره من غيركم أيها المؤمنون، فوجب أن يكون المراد من غير المؤمنين، فاقتضى ذلك جواز شهادتهم [على المسلمين وغيرهم، فلما نسخ الحكم بشهادتهم على المسلمين بقيت شهادتهم]⁣(⁣٣) على أهل الكفر على موجب حكم الآية.

  فإن قيل: روي عن بعض المفسرين أن المراد من غير قبيلتكم⁣(⁣٤).

  قيل له: قد روي ذلك عن بعضهم، وعن بعضهم بل الأكثر من المفسرين أن


(١) المنتخب (٥٢٢).

(٢) مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٣٤٠).

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).

(٤) انظر تفسير ابن جرير الطبري (١١/ ١٦٦، ١٦٧).