باب القول في الشهادة على الزنا
مسألة: [في رجوع أحد شاهدي الإحصان قبل إمضاء الحد]
  قال: ولو أن شاهدين شهدا بالإحصان على الزاني ثم رجع أحدهما قبل إمضاء الحد لم يلزم الذي لم يرجع شيء، وكان للإمام أن يؤدب الراجع إن بان له منه تخليط(١).
  إذا(٢) رجع أحدهما بطل الإحصان؛ لأن الحد لم يمض. والمقيم على الشهادة لا شيء عليه؛ لأنه لم يكذب نفسه، وللإمام أن يرى رأيه في تأديب الراجع إن بان له منه ما يجري مجرى الجناية(٣) في إقامة الشهادة أو الرجوع عنها؛ لجنايته في أمر يتعلق بدم المسلم أو بإبطال حد الله ø.
  قال: فإن رجع بعد ما أمضي الحد كان القول في إلزامه الدية أو القتل كالقول فيمن شهد بالزنا ثم رجع.
  وقال أبو حنيفة: لا ضمان على شهود الإحصان إذا رجعوا. وللشافعي فيه قولان. وحكي عن أبي حنيفة أن الشهود إذا شهدوا بالزنا والإحصان ثم زكاهم المزكون حتى أمضى الحد ورجع المزكون عن التزكية أنهم يضمنون. قال أبو يوسف ومحمد: لا يضمنون.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن الرجم ثبت بشهادة شهود الإحصان مع شهود الزنا، ألا ترى أن شهود الزنا لو شهدوا ولم يشهد شهود الإحصان كان لا يرجم(٤)؟ فإذا ثبت ذلك جرى مجرى شهود الزنا في أنهم يضمنون إذا رجعوا، وليس كذلك المزكون؛ لأنهم لم يشهدوا على المحدود بشيء، بل من الجائز أن يكونوا زكوا ولا علم لهم بما به شهدوا، ولأن ذلك إخبار وليس بشهادة.
(١) الأحكام (٢/ ١٦٦).
(٢) في (أ، ج): وإذا.
(٣) في (أ، ج): الخيانة.
(٤) في (ب، د): رجم.