باب القول في التيمم
  ووجدت القطني(١) استدل للجمع بين التيمم والغسل بما روي عن عطاء، عن جابر، قال: كنا مع رسول الله ÷ في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، فاحتلم، فقال لأصحابه: هل تجدون لي من رخصة في التيمم؟ فقالوا: لا، فاغتسل فمات، فأُخبِر النبي ÷ فقال: «قتلوه، قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟! فإنما شفاء العِي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده»(٢)، فجمع عليه الأمرين جميعاً، فدل على جواز اجتماع الماء المبدل والبدل.
  وهذا ضرب من المغالطة، فإن في الرواية أنه قال: «إنما كان يكفيه أن يتيمم أو يعصب على رأسه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده».
مسألة: [في أنه لا إعادة على من تيمم ناسياً للماء إذا لم يذكره إلا بعد الوقت]
  ولو تيمم ناسياً للماء في رحله ولم يذكره إلا بعد تقضي الوقت لم يجب عليه إعادة تلك الصلاة تخريجاً.
  وهذا على قوله فيمن أخطأ التحري في الوقت الذي يفعل فيه التيمم، ومن توضأ بماء نجس وهو لا يعلم، وعلى قوله في كتاب الصلاة من الأحكام: «وما كان مما يقع فيه الخطأ من غير تعمد ولا اجتراء ففيه الإعادة ما كان في الوقت، فإن خرج الوقت فلا إعادة عليه»(٣).
  ونص على من صلى ناسياً وهو جنب أو تارك عضواً من أعضاء الوضوء أن عليه الإعادة بعد الوقت، فدل ذلك على أنه يسقط الإعادة بعد الوقت فيما كان طريقه التحري والاجتهاد، وطلب الماء طريقه التحري والاجتهاد، فلذلك قلنا: إن من أخطأ فيه لم تلزمه الإعادة بعد الوقت على قول يحيى #. فأما إذا وجده
(١) في نسخة في (ب): الدارقطني.
(٢) أخرجه أبو داود (١/ ١٣٤، ١٣٥)، والدارقطني في سننه (١/ ٣٤٩، ٣٥٠).
(٣) الأحكام (١/ ١٢٢).