باب القول في الشهادات
  قيل له: شهادة الإحصان تتضمن وجوب الرجم كشهادة الزنا، فهي في الحكم شهادة توجب الحد، كذلك الشاهد على الشهادة في الحكم كالشاهد على الحق. على أن تضمين شهود الإحصان إذا رجعوا فيه نظر.
  وأيضاً يمكن أن تقاس على شهادة النساء؛ بعلة أنها شهادة الضرورة، فوجب ألا تجزئ في الحدود والقصاص، بل هي أضعف من شهادة النساء؛ لأنها لا تسمع مع شهادة الأصل.
مسألة: [في صحة شهادة اثنين على شهادة كل واحد من الأصلين وعدم صحة شهادة كل واحد على واحد]
  قال: وإذا شهد رجلان على شهادة رجلين بأن يشهد كل واحد منهما على شهادة واحد لم تجز شهادتهما، وإن شهدا على شهادتهما بأن شهدا جميعاً على شهادة كل واحد منهما جازت شهادتهما على شاهدي الأصل(١).
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. والخلاف في هذه الجملة من وجهين:
  ذهب ابن أبي ليلى وابن شبرمة إلى أن شهادة رجلين على شهادة رجلين جائزة، بأن يشهد كل واحد منهما على شهادة واحد. وهذا لا يجوز عندنا.
  وقال الشافعي: لا يقبل أقل من شهادة أربعة، بأن يشهد كل رجلين منهم على شهادة رجل.
  أما ما ذهب إليه ابن أبي ليلى من أن شهادة رجلين تصح على شهادة رجلين بأن يشهد كل واحد منهما على واحد من شاهدي الأصل فهو ظاهر الفساد؛ لأن الشاهد على الشهادة يحتاج أن يقرر شهادة الأصل عند الحاكم، كما يحتاج شاهد الأصل أن يقرر الحق عند الحاكم، فكما أنه لا يصح تقرير الحق بشهادة الواحد كذلك لا يصح تقرير الشهادة بشهادة الواحد(٢).
(١) المنتخب (٥٢٠).
(٢) في (هـ): كذلك لا تصح شهادة الواحد على شهادة الواحد وتقريرها.