شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المكاتبة

صفحة 50 - الجزء 5

  عوض عنه، فكذلك المكاتب. ويشهد له النكاح: أن المرأة لا يلزمها تسليم نفسها إلا باستيفاء مهرها. وأيضاً قد حصل الإجماع منهم على أنه لا يعتق إلا بأداء شيء إلا ما يحكى عن ابن عباس، وهو شاذ غير معروف، فثبت أنه لا يعتق بالعقد، ولا بد من الأداء، فليس أداء بعض أولى من أداء بعض.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إنه يعتق بقدر ما أدى؟

  قيل له: قد ثبت بما قدمناه أن العتق لا يتبعض، فسقط هذا القول.

  فإن قيل: فقد روي ذلك عن علي #(⁣١).

  قيل له: تأويله عندنا أنه يحكم عليه بحكم الحر في ذلك لا أنه يعتق على ما نبينه بعد هذا في موضعه.

  وقوله: «إن وفاه ما كاتبه عليه⁣(⁣٢) عتق» صحيحٌ لا خلاف فيه.

مسألة: [في استحباب اشتراط الولاء والرد في الرق عند العجز في عقد الكتابة]

  قال: ويشترط إن عجز فهو مردود في الرق، ويشترط الولاء⁣(⁣٣).

  وكل ذلك استحباب لا أنه إن لم يشترط تغير الحكم في ذلك، أو أن اشتراطه شرطٌ في صحة الكتابة على ما بيناه من رده في الرق إن عجز، وعلى ما نبينه في حكم الولاء.

  ووجه الاستحباب فيه: أنه أبعد من التغرير ووقوع الالتباس؛ لأن العبد إذا عرف ذلك دخل فيه على بصيرة.

مسألة: [في حكم ما دفعه المكاتب لمولاه إذا رد في الرق لعجزه]

  قال: وإن رد في الرق لعجزه كان ما دفع إلى مولاه مما أعانه به الإمام والمسلمون مأخوذاً منه مصروفاً في العون على الرقاب على ما يراه الإمام، وما


(١) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٨/ ٤٠٦).

(٢) «عليه» ساقط من (أ، ج).

(٣) الأحكام (٢/ ٣٣٩).