باب القول في الغنائم وقسمتها
  قيل له: وما في بيت مال المسلمين هو حق للمسلمين، فلا يمتنع أن يصرف ذلك القدر إليه للمزية التي حصلت له كالسلب، وكذلك إن أعطي من سهم السبيل؛ لأن ذلك السهم عنده مرصد لمصالح المسلمين، فلا يمتنع صرفه إليه، وهذا لا يجري عندنا مجرى الإجارة، وإنما يجري مجرى المعونة والحث على القتل والقتال، وعلى هذا يجب أن يجري الكلام في الجعل على الغزو إذا كان من الإمام، فيقال: إنه جائز؛ لأنه معاونة وحث على ما بيناه كالتنفيل وجعل السلب للقاتل.
مسألة: [في أن للإمام من الغنائم الصفي]
  قال: وإذا جمعت(١) الغنائم وحيزت فللإمام أن يأخذ منها الصفي لنفسه، وهو شيء واحد، سيف أو درع أو فرس(٢).
  وذهب سائر العلماء إلى أن الإمام ليس له ذلك.
  والأصل فيه: ما روي أن رسول الله ÷ كان يأخذ الصفي لنفسه من المغنم، وأنه أخذ من بني قريظة ريحانة بنت عمرو بن حذافة، وأنه ÷ لما افتتح خيبر أخذ صفية بنت حيي بن أخطب على سبيل الصفي.
  وروي عن عبيد الله بن عبدالله عن ابن عباس أن رسول الله ÷ تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدر(٣).
  وروي عن ابن عباس قال: قدم وفد عبدالقيس على رسول الله ÷ فقالوا: إن بيننا وبينك هذا الحي من مضر، وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام، فمرنا بأمر نأخذ به، ونحدث به من بعدنا، قال: «آمركم بأربع: شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول(٤) الله، وأن تقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتعطوا
(١) في (أ، ج): اجتمعت.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٨٢).
(٣) أخرجه الترمذي (٣/ ١٨٢) وابن ماجه (٢/ ٩٣٩).
(٤) في (أ، ب، ج، د): وأني محمد رسول الله.