شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الهدي

صفحة 595 - الجزء 2

  فلما ثبت أن منى من مكة، وأفرد ÷ منى عن مكة بقوله ÷: «منى كلها منحر» - دل ذلك على أن منى منحر على الانفراد على وجه؛ إذ لو لم يكن كذلك لم يكن لتخصيصه بالذكر وجه، وإذا ثبت ذلك ثبت أن منى منحر الهدي الذي يختص الحج.

مسألة: [في أنه يستحب للقارن أن يقف ببدنته في المواقف كلها، وأنه لا ينتفع بها]

  ويستحب للقارن أن يقف ببدنته المواقف كلها، ولا يحمل عليها شيئاً، إلا أن تنتج فيحمل ولدها عليها، ولا يركبها هو ولا أحد من خدمه إلا من ضرورة شديدة، فيركبها ركوباً لا يتعبها ولا يعيرها، فإن رأى رجلاً من المسلمين ضعيفاً فدحه المشي جاز له أن يحمله عليها الليلة بعد الليلة.

  جميعه منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١)، وما ذكرناه من أنه لا يركبها إلى آخر الفصل منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  قلنا: إنه يستحب له أن يقف بها المواقف كلها لما روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن نمير، عن الحجاج، عن عطاء قال: عَرَّفَ رسول الله ÷ بالبدن التي كان أهدى⁣(⁣٣).

  وروى بإسناده عن ابن عمر: لا هدي إلا ما قلد وأشعر ووقف بعرفة⁣(⁣٤).

  وقلنا: إنه لا يركبها ولا يُرْكِبها أحداً من خدمه ولا يحمل عليها شيئاً لأنه قد جعلها لله تعالى، فلا يجب الانتفاع بها إلا من ضرورة، فإن ركبها من ضرورة ركبها ركوباً لا يضر بها.

  والأصل فيه: ما أخبرنا به علي بن إسماعيل، قال: حدثنا ابن اليمان، قال: حدثنا


(١) المنتخب (٢١١).

(٢) الأحكام (١/ ٢٧٠).

(٣) المصنف (٣/ ٣٦٤).

(٤) المصنف (٣/ ١٧٧).