باب القول في أحكام الوصايا
  لم تصح إلا أن تكون(١) حقاً لهم، فإذا لم يعرف المستحق بعينه لم يثبت الحق.
  قيل له: إنها وإن كانت قربة فهو حقٌ للفقراء بأعيانهم، ألا ترى أنه لا يدخل فيها سائر فقراء المسلمين(٢)؟ فإذا صح ذلك فإن كانوا لا يحصون لا يمتنع أن تصح للأغنياء وإن كانوا لا يحصون(٣) كما تصح للفقراء، ولم يؤثر فيها كونها قربة أو غير قربة.
  على أنه يصح أن يتقرب إلى الله ø بالوصية للأغنياء، فإن كثيراً من الناس يوصون للعلوية من غير اشتراط الفقر؛ متقربين إلى الله ø بالوصية، وللعلماء وإن كانوا أغنياء، ولا خلاف أن صلة ذي الرحم المحرم والوصية له قربة وإن كان غنياً، ولهذا لا يجوز أبو حنيفة الرجوع في الهبة له، ويجريها مجرى الصدقة. فإذا ثبت ذلك ولم يفصل أحدٌ في الوصية لأغنياء لا يحصون بين أن يكون الموصي قصد القربة أو لم يقصد ثبت أنه لا تأثير للقربة في هذا الباب، أو يقال: إذا ثبت صحتها مع القربة للأغنياء فلم يفصل أحدٌ بين أن تقع الوصية مع القربة أو غير القربة في هذا الباب، فوجب أن يصح ما قلنا.
مسألة: [في مخالفة الوصي في مصرف الوصية]
  قال: فإن أوصى به في وجه فصرفه الوصي إلى غير ذلك الوجه كان ضامناً(٤).
  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأنه جعل له التصرف على وجهٍ مخصوص، فإذا عدل عن ذلك كان في حكم الغاصب، فوجب أن يضمن(٥).
(١) لفظ مختصر اختلاف العلماء (٥/ ١٨): وإذا دخل فيها الأغنياء وهم غير محصورين صارت حقاً لآدمي، وحق الآدمي لا يثبت لغير معين.
(٢) في (هـ): فقراء سائر المسلمين.
(٣) «وإن كانوا لا يحصون» ساقط من (هـ).
(٤) المنتخب (٥٤١).
(٥) في (أ، ب، ج، د): يضمنه.