شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأطعمة

صفحة 451 - الجزء 6

مسألة: [في الطعام إذا وقعت فيه فأرة]

  قال: وإن وقعت فيه فأرة فأخرجت حية فلا بأس بأكل الطعام بعد إخراجها، وإن ماتت فيه أو وقعت وهي ميتة أخرجت وألقي ما حولها من ذلك الطعام، وأكل سائره إذا لم يكن أصابه من قذرها شيء، وإن كان قد تغير بموتها فيه لم يؤكل⁣(⁣١).

  أما إذا وقعت وهي حية وأخرجت وهي حية فلا خلاف في أن الطعام لا ينجس به، وتنجيس شيء من الحيوان لا يجب إلا الكلب والخنزير.

  قال القاسم #: وإذا وقع في الطعام ما لا دم له ولم يبن فيه نتن ولا قذر فلا بأس بأكله.

  وهذا قد استوفينا الكلام فيه في باب الطهارة، في ذكر الماء إذا وقع فيه ما لا نفس له سائلة.

مسألة: [في أكل الميتة عند الاضطرار]

  قال: ومن اضطر إلى أكل الميتة أكل منها دون الشبع، مقدار ما يقيم به نفسه⁣(⁣٢).

  أما جواز أكلها عند الاضطرار فلا خلاف فيه؛ لقول الله ø بعد تحريم ما حرم من لحم الميتة ولحم الخنزير: {فَمَنُ اُ۟ضْطُرَّ فِے مَخْمَصَةٍ}⁣[المائدة: ٤]، وقوله: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اَ۟ضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِۖ}⁣[الأنعام: ١٢٠]،

  وقلنا: إنه يأكل ما دون الشبع، ومقدار ما يقيم به نفسه؛ لأن الله تعالى أباح ذلك في حال الاضطرار، فمتى تناول ما يقيم به نفسه وقارب الشبع فقد خرج من حال الاضطرار، ومتى خرج من حال الاضطرار عاد ذلك عليه حراماً؛ [لأن من أبيح له أمر من الأمور لعارض فمتى زال ذلك العارض]⁣(⁣٣)


(١) الأحكام (٢/ ٣١٣، ٣١٤) والمنتخب (٢٢٧، ٢٢٨).

(٢) الأحكام (٢/ ٣١١، ٣١٦) والمنتخب (٢٢٧).

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).