شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المهور

صفحة 162 - الجزء 3

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون ما لزمها من ذلك لا يجوز أن يجعل صداقها؛ لأنه قيمتها، وهي مجهولة؟

  قيل له: قد يجوز أن تكون قيمتها معلومة لهما جميعاً، فسقط هذا السؤال. على أنها وإن كانت مجهولة فلا يبعد أن تكون مهراً؛ لأن دخول الجهالة في المهر لا تبطله، ألا ترى أنه لو تزوجها على وصيف موصوف أو غير موصوف جاز ذلك ولم يجب الرجوع إلى مهر المثل؟ وقد بينا فيما تقدم أن من تزوج على مكاتب أو مدبر أو أم ولد وجب الرجوع إلى قيمتهم دون مهر المثل، والأصول تشهد لصحة ما ذهبنا إليه، وذلك أنه لا خلاف أن من تزوج امرأة على سكنى دار مدة أو خدمة عبد مدة جاز ذلك؛ لتعلق جميع ذلك بضمان ما هو مال.

  وقد حكي عن زفر أنه قال: إن امتنعت أن تتزوجه بعد ذلك لم تضمن شيئاً.

  ووجه ما ذهبنا إليه أنه أعتقها برضاها على بدل اشترطه عليها، فلما امتنعت من البدل لزمتها قيمة ما أفاتته من ملكه؛ دليله لو أفاتته غير ذلك من ملكه.

مسألة: [فيما يلزم الأمة إذا امتنعت من التزوج بسيدها إذا أعتقها ولم يقل: قد جعلت عتقك مهرك]

  قال: ولو أنه قال: «قد أعتقتك» قبل مراضاتها وقوله لها: قد جعلت عتقك مهرك، ثم أبت المرأة أن تتزوجه لم يكن عليها شيء.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ووجهه: أنه أعتقها من غير أن يشترط عليها بدلاً من عتقها، فوقع العتق ولم يكن له عليها سبيل، كما أنه لو أعتقها من غير هذا الحديث عتقاً مطلقاً لم يكن له عليها سبيل.


(١) الأحكام (١/ ٣٣٥).