باب القول في اللعان
مسألة: [في نفي الولد بعد الإقرار به أو السكوت عند العلم به]
  قال: وإذا أقر الرجل بولده مرة أو سكت حين ولد(١) على فراشه لم يكن له بعد ذلك نفيه.
  نص في الأحكام(٢) على أنه لا إنكار له بعد الإقرار، ونص في المنتخب(٣) على أنه إن سكت حين يولد على فراشه لم يكن له بعد ذلك إنكاره.
  أما ما قاله في الأحكام من أنه إذا أقر به فلا إنكار له بعده فمما لا خلاف فيه، وسواء ولد على فراش ثابت أو ولد من أمة أو كان مجهول النسب.
  والأصل فيه: ما ثبت أن من أقر بحق لغيره فليس له إنكاره بعد ذلك، وسواء في ذلك الأموال(٤) والجنايات وسائر الحقوق، فكذلك إذا أقر بولد؛ لأنه أقر بحق له، فلا إنكار له بعد ذلك.
  فأما ما ذكرناه من أنه إذا سكت حين يولد على فراشه لم يكن له نفيه بعد فهو قول كثير من العلماء، وقال أبو يوسف ومحمد: إن له أن ينفيه ما بينه وبين أربعين يوماً؛ لأنه مدة أكثر النفاس، والنفاس حال الولادة(٥). وذلك لا معنى له؛ لأن حال الولادة حال الوضع فقط، فأما النفاس فحكم يتعلق به، ولا يمتنع(٦) في الأحكام المتعلقة أن تتراخى وتتقدم، والاعتبار به لا وجه له.
  وأصل ما ذهبنا إليه ما لا خلاف فيه من أنه لو سكت زماناً طويلاً بعد الولادة والعلم بها كالسنة ونحوها لم يكن له نفيه بعد ذلك، فكذلك إذا مضت
(١) في (أ، ج): يولد.
(٢) الأحكام (٢/ ١٢١).
(٣) المنتخب (١٧٣).
(٤) في (أ): وسواء ذلك في الأموال ... إلخ.
(٥) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٥/ ٢١٨): لأن الأربعين مدة النفاس، ومدة النفاس هي حال الولادة.
(٦) في (ج، د): يمنع.