شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد القاذف

صفحة 232 - الجزء 5

  وذلك لما بينا من أنه إذا قذف رجلاً واحداً مراراً لم يلزمه إلا حد واحد؛ لأن ما يلزمه يسقط بعفو واحد، ولأن الله أوجب على من قذف حداً للمقذوف ولم يشترط أن يكون القذف مرة أو مرتين، فإذا ثبت ذلك فإذا قذفه وهو بعد لم يستكمل الحد فكأنه قذفه وهو بعد لم يحد، فإذا أكمل الحد صار محدوداً فسقط حكم جميع ما تقدمه من القذف. فإن قذف غيره لزمه له الحد؛ لما بينا أنه لو قذف رجلين أو ثلاثة لزمه لكل واحد منهم حد، ولا⁣(⁣١) فصل بين أن يقذف غيره في حال الجلد أو قبله أو بعده.

مسألة: [في أن الابن لا يطالب أباه ولا العبد سيده بالحد لأمه الحرة التي قد ماتت]

  قال: ولو أن رجلاً قال لعبده: «يا ابن الزانية» وأم العبد كانت قد ماتت وهي حرة كان الأمر في ذلك إلى الإمام، ولم يكن للعبد أن يطالب مولاه بحدها⁣(⁣٢).

  وذلك أن مولاه يملك جميع تصرفه، فلا يصح له أن يطالبه بحد أمه.

  فإن قيل: أليس له أن يطالبه بنفقته وكسوته؟

  قيل له: إنما ينهي أمره إلى الحاكم⁣(⁣٣)، والحاكم هو الذي يلزمه ذلك. وله أيضاً أن ينهي حال قذفه إلى الإمام ليطالب به الإمام، يكشف ما قلناه أن الإمام لو رأى أن يؤاجره وينفق عليه من كسبه كان ذلك له، وأيضاً قد بينا أن المطالبة بالحد تكون إلى الولي الذي تكون⁣(⁣٤) إليه ولاية النكاح، والعبد ليس له ولاية في عقد النكاح، فيجب ألا يكون له ولاية طلب الحد. فأما الإمام فهو ولي من لا ولي له؛ فلذلك قلنا: إن ذلك إلى الإمام كما قلنا في باب النكاح، ألا ترى أن أمه


(١) في (أ، ب، ج، د): فلا.

(٢) المنتخب (٦٣٣).

(٣) في (أ، ج): إنما ينهي إلى الحاكم حاله.

(٤) «تكون» ساقط من (أ، ج).