شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الإقرار

صفحة 205 - الجزء 6

باب القول في الإقرار

  كل عاقل حر بالغ أقر بحق عليه لزمه ما أقر به⁣(⁣١).

  والأصل في الإقرار: ما روي عن النبي ÷ أنه رجم ماعزاً حين أقر بالزنا، وقال - أيضاً - في غيره: «اغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها»، وروي أنه ÷ قطع سارقاً بإقراره، والأخبار في ذلك كثيرة، وقد قال الله تعالى: {كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَيٰ أَنفُسِكُمْ}⁣[النساء: ١٣٤]، وشهادة المرء على نفسه هو الإقرار، وهو مما لا خلاف فيه بين المسلمين من أيام الصحابة إلى يومنا هذا.

  وذكرنا الحرية فيه لأن كثيراً من إقرار العبيد لا يصح، وسنفصل ذلك.

  واشترطنا العقل والبلوغ لأن من ليس بالغاً ولا عاقلاً لا حكم لألفاظه، وهذا مما لا خلاف فيه إلا في إسلام الصبي، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم».

  واعلم أن الإقرار لا يجوز إلا بما يجوز أن يكون المقر صادقاً فيه، فأما ما يعلم أنه كاذب فيه فلا يجوز إقراره به، نحو: أن يقر بقتل رجل يعلم أنه قد مات قبل مولد المقر، أو إتلاف مال علم أنه تلف⁣(⁣٢) قبل مولده، أو يقر بمقارب له في السن أنه أبوه أو ابنه، أو أقر بذلك بمشهور النسب.

  قال: وكذلك من أقر بحق لله لزمه، نحو أن يقر بالزنا أو شرب الخمر أو غير ذلك مما يوجب الحد⁣(⁣٣).


(١) الأحكام (٢/ ١١٠، ١١١).

(٢) في (ب): يحكم تلف. وفي (د): يحكم بأنه تلف. وفي (هـ): يعلم تلفه.

(٣) الأحكام (٢/ ١١٠).