شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الطلاق وتنوعه

صفحة 293 - الجزء 3

  قيل له: هذا بيان حكم التطليقة⁣(⁣١) التي هي المراد بقوله تعالى: {[فَإِمْسَاكُۢ بِمَعْرُوفٍ]⁣(⁣٢) أَوْ تَسْرِيحُۢ بِإِحْسَٰنٖۖ} وقد بينا فيما تقدم أنه يجب أن تكون بعد الرجعة، أو إعادة الزوجية إن كانت قد انقطعت، فيجب أن يحمل على ذلك قوله سبحانه: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعْدُ حَتَّيٰ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُۥۖ}.

  ومما يوضح كلامنا في المسألتين جميعاً - أعني أن الطلاق لا يتبع الطلاق الرجعي ولا البائن - أن موضوع الطلاق إنما هو لأن يؤثر في النكاح؛ لأنه إما أن يوجب قطع العصمة، أو يوجب فيه ثلمة ما، وأقل ذلك أن يوجب قطع العصمة بانقضاء العدة، ووجدنا الطلاق الثاني لا يؤثر فيه شيئاً من التأثير غير حصوله في نفسه، فوجب أن يشبه طلاق الأجنبية والمنقضية عدتها، ووجب ألا يكون له حكم.

مسألة: [فيمن طلق امرأته أكثر من تطليقة بلفظ]

  قال: ولو أن رجلاً قال: لامرأته: أنت طالق، أو قال: أنت طالق تطليقة، أو تطليقتين، أو ثلاثاً، أو أكثر من ذلك، أو بعض تطليقة، وقعت تطليقة واحدة.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣٣)، وهو قول القاسم #، ورواه يحيى بن الحسين # في الأحكام عن أحمد بن عيسى وموسى بن عبدالله، وكذلك رواه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي $ وعن محمد بن علي # موقوفاً: أن الثلاث واحدة، وإليه ذهب بعض الإمامية، وهو الأشهر عن الناصر #، وقال بعض الإمامية: لا يقع الطلاق، وروى أبو خالد عن زيد بن علي # أن الثلاث ثلاث⁣(⁣٤)، وقد روي ذلك عن أبي جعفر محمد بن علي #، وإليه ذهب الفقهاء.


(١) في (أ، ج): المطلقة.

(٢) ما بين المعقوفين من (أ، ج).

(٣) الأحكام (١/ ٤٠١، ٤١٠) والمنتخب (٢٧٠).

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢٢٣).