باب القول في الكفالة والحوالة
  الكراء، وما أشبه ذلك - وإن لم يكن سأله في الأصل ذلك أو أمر به، فكذلك حال الضامن. ومعنى قولنا: «يجب» هو أنه هو الأولى والمستحب، لا أنا نقطع(١) بالوجوب؛ لأنا لو قطعنا بالوجوب لحكمنا عليه بذلك.
مسألة: [في اشتراط الضامن بالمال براءة المضمون عنه]
  قال: ولو أن ضامناً ضمن المال لرجل عن رجل واشترط عليه البراءة من المضمون عنه(٢) صح ذلك، وكان ذلك بمعنى الحوالة(٣).
  وبه قال أبو حنيفة، وذلك أن معنى الحوالة أن يثبت الحق على الضامن وينتقل عن الأصل، فإذا ضمنه الضامن [بشرط براءة المضمون عنه، ورضي به صاحب المال لزم الحق الضامن](٤) وسقط عن المضمون عنه، فيكون ذلك معنى الحوالة.
  فإن قيل: ألستم قلتم: إن الحق لا يثبت على الضامن مع سقوطه عن المضمون عنه، فكيف أجزتم ذلك في هذه المسألة؟
  قيل له: نحن إنما قلنا ذلك في محض الضمان، وهذا الضمان بمعنى الحوالة، وقد بينا أن الحوالة من حكمها أن يسقط الحق عن الأصل بتحويله إلى المحال عليه، وبينا أن الحوالة هي انتقال الحق عن(٥) ذمة إلى ذمة، وأن الضمان الخالص هو توكيد ذمة بأخرى، فلا يلزم ما سألت.
  وهذا يوجب صحة البراءة المعلقة على الشرط مثل صحة الضمان المعلق على الشرط؛ لأنه يصحح براءة من له الحق لمن(٦) عليه بشرط ضمان الضامن، ألا
(١) في (أ، ج، هـ): لا بالقطع. وفي (ب): أنا لا نقطع. وظنن في هامشها بـ: لا أنا نقطع.
(٢) لفظ التحرير (٥٠٠): وإذا شرط الضامن على صاحب المال براءة المضمون عنه مما ضمنه صح ذلك.
(٣) نص على معناه في الأحكام (٢/ ١٠٥، ١٠٦).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٥) في (هـ): من.
(٦) في المخطوطات: ممن. ولعل ما أثبتناه الصواب.