باب القول في الإماء
  وإذا لم يزل عنه لم يزل عما في يده، وإذا لم يزل عنه ملك صاحبه لم يستقر ملكه فيه، فلم يجز له أن يطأ جاريةً لم يتم ملكه لها، كما لا يجوز له وطء جارية له فيها شرك. ولم يجز له عتقها لمثل ذلك، ولم يجز أن ينكحها لأن حصول حقه فيها يمنع ابتداء النكاح عليها.
مسألة: [في أن إباحة السيد لغيره فرج أمته لا يجيز له وطأها]
  قال: ولو أن رجلاً قال لآخر: «قد أبحت لك فرج جاريتي هذه» أو «أعرتك» أو «أحللت لك» لم يجز له أن يطأها بذلك، فإن وطئها عالماً بالتحريم لزمه الحد، وإن لم يكن عالماً بتحريمها درئ عنه الحد للشبهة، ولزمه لصاحبها مهر مثلها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١)، ونص أيضاً في المنتخب(٢) على تحريم ذلك. وهذا مما لا أحفظ فيه خلافاً إلا ما ذهبت إليه الإمامية من أن ذلك يحل.
  والدليل على ذلك: أن هذه الألفاظ ليست توجب تمليك الأمة ولا عقد النكاح عليها، فوجب ألا يستباح بها الوطء؛ لقول الله تعالى: {وَالذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَيٰ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَۖ ٦} الآية [المؤمنون]، ومن ابتغى الوطء بما ذكرناه فقد ابتغى وراء النكاح وملك اليمين.
  ويدل على ذلك: أن حظر وطئها على الغير لم يكن من جهة المولى فيرتفع بإذنه، كوطء الحرة لما لم يكن حظره من جهتها لم يرتفع بإذنها.
  ويدل على أن حظر وطئهن ليس من جهة المولى قول الله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَي اَ۬لْبِغَآ۟ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناٗ}[النور: ٣٤] فلو كان حظر وطئهن من قبل المولى لحل ذلك عند رضاهم ولم يمنعهم الله تعالى من حملهن عليه.
(١) الأحكام (١/ ٣٦٢).
(٢) المنتخب (٢٤٦).