باب القول في الحج عن الميت
فصل: [في المستأجر للحج إذا مرض في بعض الطريق فانصرف]
  نص يحيى بن الحسين # في كتاب الفنون(١) على أن المستأجر إن مرض في بعض الطريق فانصرف لم يستحق شيئاً من الأجرة.
  ووجه ذلك: أن الإجارة وقعت على الحج، وأن السير إلى حيث يحرم دخل فيه على سبيل التبع، فلم يجب أن يكون له قسط في الأجرة، وهو كما نقول في الأجير المشترك إذا سلم إليه ما يعمله كثوب يخيطه أو كتاب ينسخه: إنه إذا بقي عنده مدة ثم رده من غير أن يعمل إنه لا يستحق شيئاً للحفظ؛ لأن الحفظ دخل فيه على سبيل التبع، فلم يجب [أن يكون](٢) له قسط في الأجرة.
  وهكذا قال فيمن استؤجر لكتاب يوصله إلى إنسان بعينه في بلد فمضى إلى ذلك البلد ولم يظفر بذلك الإنسان: إنه لا يستحق شيئاً من الأجرة؛ للوجه الذي ذكرناه.
مسألة: [فيمن حج عن غيره ولم يحج عن نفسه]
  قال القاسم # في الحج عن الميت لمن لم يحج عن نفسه: إنه يجوز إن كان فقيراً لا يمكنه أن يحج عن نفسه وكان مجمعاً على تأدية حجة متى وجد السبيل إليه، ويكون له رغبة ورهبة في مناسكه ومواقفه.
  وهذا منصوص عليه في مسائل النيروسي.
  والأصل فيه: ما روي عن ابن عباس أن النبي ÷ سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: من شبرمة؟ فقال: أخ لي، أو قريب لي، قال: «أحججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة» فمنعه ÷ أن يحج عن غيره إلا بعد أن يحج عن نفسه.
  ثم روي أيضاً عن ابن عباس أن النبي ÷ سمع رجلاً يلبي عن نبيشة
(١) الفنون (٦٧٠).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).