باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  يقتضي إيجاباً وحظراً واحتياطاً، وفيه أنا رددنا حكم الهدي إلى حكم الهدي، وهم ردوا حكمه إلى غيره، فما ذهبنا إليه أولى.
مسألة: [في المحرم ينتف ريش الصيد أو يقصه]
  قال: ولو أنه اشترى صيداً أو أخذه فنتفه أو قصه فالواجب عليه أن يعلفه ويقوم عليه حتى ينبت جناحاه ثم يرسله، وعليه لما نتف صدقة.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١).
  قلنا: إنه إن نتفه أو قصه فالواجب عليه أن يعلفه ويقوم عليه حتى ينبت جناحاه ثم يرسله لأن الواجب عليه ألا يضر به؛ بدلالة أنه يحرم عليه صيده، ويجب عليه أن يدفع عنه الضرر الذي فعله به؛ بدلالة ما أجمع عليه من وجوب إرساله عليه إن(٢) اصطاده وإعادته إلى ما كان عليه.
  وقلنا: إنه يتصدق بشيء لنتفه على مقدار ما كان من ضرره - وهو قول أبي يوسف - لأن عظم ذلك الضرر الذي فعله به قد لزمه؛ بدلالة أنه إن لم يعد إلى ما كان علي فلا خلاف أنه يضمنه، وكذلك إذا عاد، خلافاً لأبي حنيفة؛ ولأنا إذا أوجبنا لإفزاعه صدقة على ما مضى فالأولى أن نوجب للنتف والقص؛ إذ هما أعظم ضرراً من الإفزاع، وقد بينا أن الأصل في جميع هذا المجرى قوله ÷: «لا ينفر صيدها».
مسألة: [في المحرم يصطاد صيداً فيأخذه منه حلال ويرسله]
  قال: ولو أن محرماً اصطاد صيداً ثم أخذه منه حلال فأرسله لم يكن عليه فيه شيء، ولكن عليه صدقة بقدر إفزاعه.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(٣).
(١) الأحكام (١/ ٣٠٢) والمنتخب (١٩٤).
(٢) في (د): إذا.
(٣) المنتخب (١٩٨).