باب القول في الظهار
  الظهار مع بقاء حكم اللفظ الأول منه تأثير، وإذا لم يكن له تأثير لم تجب له الكفارة؛ لأنه يكون كظهار الصبي والمجنون والمشرك.
  ويشهد لقياسنا أيضاً الأحداث، ألا ترى أن الحدث لما منع من الصلاة إلا بعد التطهير كان الحدث الواحد كالأحداث الكثيرة في أن الطهارة الواحدة ترفع أحكامها، وكذلك الاجتناب لما كان مانعاً من الصلاة إلا بعد الاغتسال كان لا فصل بين أن يحصل مرة أو مرات، وكذلك حصول الحيض والجنابة.
  على أن قياسنا ينقل حكمها بالكفارة الواحدة عما كانت عليه من تحريم وطئها، فكان أولى. على أن قياسنا يستند إلى ظاهر قوله تعالى: {وَالذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ}[المجادلة: ٣] لأنه يوجب كفارة واحدة، ولم يستثن من كرر القول ممن أفرده، وكذلك النبي ÷ حين أمر أوس بن الصامت وسلمة بن صخر بالكفارة لم يأمر إلا بكفارة واحدة من غير أن يستعلم منهما هل كان منهما التكرار للظهار أم لا، فكل ذلك يوضح صحة ما ذهبنا إليه.
  فأما إذا ظاهر منها ثم كفر ثم ظاهر فلا خلاف أن عليه كفارة أخرى، ولأنه لما كفر ارتفع التحريم الأول، فأوجب القول الثاني تحريماً ثانياً لا يرتفع إلا بالكفارة، وكذلك إن تكرر، ألا ترى أنه إذا طلق ثم راجع ثم طلق لم يرتفع حكم الطلاق الثاني إلا برجعة ثانية، وكذلك من باع شيئاً ثم ملكه ثم باعه ثانياً افتقر إلى ما يعيده في ملكه ثانياً، وعلى هذا سائر الأصول؟
مسألة: [في عتق المدبر في كفارة الظهار]
  قال: ولا بأس أن يعتق الرجل مدبره في كفارة الظهار.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  ووجهه: أن المدبر عبد رقه(٢) باق كما كان وإن منعنا بيعه على بعض الوجوه،
(١) الأحكام (٢/ ١٢٨، ٣٤١).
(٢) في المطبوع: عبد عقد رقه.