شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض

صفحة 108 - الجزء 2

مسألة: [في مقدار الصاع وأن المقصود به صاع أهل المدينة]

  قال: والصاع: ثلث مكوك العراق.

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١)، وحقق أصحابنا ذلك بصاع أهل المدينة، قال القاسم #: لا يمكن تحقيقه بالوزن؛ لأن الحب قد يخف ويثقل. وقال زيد بن علي #: هو خمسة أرطال وثلث بالكوفي⁣(⁣٢).

  والذي يدل على أن الصاع المعتبر به هو صاع أهل المدينة أنهم رووا خلفاً عن سلف أنه صاع النبي ÷ ولم يختلفوا فيه، كما لم يختلفوا في موضع القبر والمنبر.

  فإن قيل: فإنكم لا تجعلون إجماع أهل المدينة حجة، فكيف احتججتم به في هذا الموضع؟

  قلنا له: إنا لا نعتمد إجماعهم إذا أجمعوا من طريق الرأي والاجتهاد على شيء، ولا نجعله حجة، فأما إذا أجمعوا من طريق النقل فهو مقبول، ولو⁣(⁣٣) لم يكونوا من أهل المدينة أيضاً لقبلوا⁣(⁣٤)، بل لو رواه واحد منهم أو من غيرهم ثقة لوجب أن تقبل روايته في الحكم الذي تقبل فيه أخبار الآحاد.

  فإن قيل: لو أجمعوا على ما ذكرتم لم يقع فيه الخلاف، كما لم يقع في موضع القبر والمنبر.

  قيل له: يجوز أن يكون غير أهل المدينة لم يقع لهم العلم بذلك كما وقع لأهل المدينة؛ لأن أمر الصاع ليس يشيع في جميع الناس، فجاز لذلك أن يختلفوا فيه، وموضع القبر والمنبر وقع العلم به لغيرهم كما وقع العلم لهم؛ لشياع أمره،


(١) المنتخب (١٦٥).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٤٠).

(٣) في (أ): وإن.

(٤) في (أ، ب، ج): يقبلون.