باب القول في الدعوى والبينات
  ÷ قضى بها لا لبينته، بل لإقرار جرى في كلام المدعي أو لسقوط بينته لبعض الأسباب المسقطة للبينة، ولم يعرف الراوي ذلك فروى ظاهر الحال، فإذا احتمل ذلك لم يجب أن يعترض به على سائر الأدلة التي قدمناها.
  فإن قيل: قد ثبت في رجلين أقام كل واحد منهما البينة أنه اشترى هذا العبد من رجل بعينه وهو في يد أحد المتداعيين أن الذي هو في يده أولى؛ لأنه ادعى الملك من الجهة التي ادعاها صاحبه ومعه يد، فكذلك النتاج.
  قيل له: قد بينا أن النتاج لا يوجب تحقيق الملك، وإنما هو كاليد والتصرف؛ لأنه قد ينتج الغاصب والمرتهن والمستعبر كما ينتج المالك، وليس كذلك الشراء؛ لأنه يوجب تحقيق الملك للمشتري في الظاهر، فلما كان ذلك كذلك وجب تعارض بينتيهما وسقطتا(١)، وحكم له باليد، وحكم النتاج حكم اليد المطلقة، فكانت البينة بينة المدعي.
  ويبين أن النتاج لا حكم له: أنه لو ادعى النتاج وأقام عليه البينة لم تسمع، وإن ادعى الملك ولم يدع النتاج وأقام البينة سمعت، وكذلك المدعى عليه لو قال: نتج عندي، ولم يقل: إنه ملكي لم يسمع قوله، فإذا قال: هو لي ولم يدع النتاج سمع، فبان أن الحكم في الجميع تعلق بالملك دون النتاج، وبه الاعتبار.
مسألة: [في الجدار يكون بين دارين فادعى صاحب كل واحدة منهما أنه له]
  قال: وإذا كان الجدار بين دارين فادعى صاحب كل واحدة(٢) منهما أنه له فهو لمن أقام البينة منهما، فإن أقاماها جميعاً قسم بينهما أو كان لهما، وإن(٣) لم يقيماها تحالفا وكان بينهما.
  اعلم أن هذا هو الجواب في كل شيء تداعى فيه رجلان.
(١) في (ب، د، هـ): وسقطا.
(٢) في المخطوطات: واحد.
(٣) «إن» ساقط من (ب، د، هـ).