باب القول في التيمم
مسألة: [في عدم جواز التيمم بغير التراب]
  قال: ولا يجوز التيمم بالنورة والزرنيخ(١) وما أشبههما، ولا يجزئ إلا بالتراب لا غيره، فأما الرمل فإن كان فيه تراب يعلق بالكفين أجزى، وإلا لم يجز.
  قال القاسم #: ولا يجزئ التيمم بتراب البرذعة وشبهها(٢).
  ما حكيناه عن القاسم # قد نص عليه في كتابه المسمى بكتاب الطهارة، وما ذكرناه قبل ذلك منصوص عليه في المنتخب(٣).
  والذي يدل على ذلك: قول الله تعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}[المائدة: ٦]، مع قوله: {وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ}[الأعراف: ٥٨]، فلما أمرنا بالتيمم بالصعيد(٤) الطيب ثم بين أن الطيب يخرج نباته علمنا أن التيمم يجزي بما يخرج نباته، وأن ما لا يخرج نباته لا يجزئ التيمم به.
  فإن قيل: إنكم لا تقولون بدليل الخطاب، فكيف يسوغ لكم أن تدعوا أن ما لا يخرج نباته ليس بطيب؟
  قيل له: ليس الاستدلال به من الوجه الذي قدرت، بل وجه الاستدلال منه هو: أن الألف واللام لما دخلا على البلد الطيب دلا على الجنس؛ لأنهما إذا لم يدلا على المعهود دلا على الجنس؛ فكأنه تعالى قال: كل البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، فيعلم أن ما لا يخرج نباته ليس بطيب.
(١) - الزرنيخ: حجر ملون منه أبيض وأحمر وأصفر، وقيل: هو عنصر شبيه بالفلزات له بريق الصلب ولونه ومركباته سامة يستخدم في الطب وفي قتل الحشرات. (قاموس فقهي عن المعجم الوسيط (زرنخ) (١/ ٤٠٧).
(٢) مجموع الإمام القاسم (٢/ ٥١١). والبرذعة هي: الحِلس الَّذِي يُلقى تَحْتَ الرَّحْلِ، وَالْجَمْعُ البَراذِع، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الحِمار. (لسان العرب).
(٣) المنتخب (٦٧).
(٤) في (ب): فلما أمر أن يتيمم بالصعيد.