شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التيمم

صفحة 343 - الجزء 1

مسألة: [في عدم جواز التيمم بغير التراب]

  قال: ولا يجوز التيمم بالنورة والزرنيخ⁣(⁣١) وما أشبههما، ولا يجزئ إلا بالتراب لا غيره، فأما الرمل فإن كان فيه تراب يعلق بالكفين أجزى، وإلا لم يجز.

  قال القاسم #: ولا يجزئ التيمم بتراب البرذعة وشبهها⁣(⁣٢).

  ما حكيناه عن القاسم # قد نص عليه في كتابه المسمى بكتاب الطهارة، وما ذكرناه قبل ذلك منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣٣).

  والذي يدل على ذلك: قول الله تعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}⁣[المائدة: ٦]، مع قوله: {وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِي خَبُثَ لَا يَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدٗاۚ}⁣[الأعراف: ٥٨]، فلما أمرنا بالتيمم بالصعيد⁣(⁣٤) الطيب ثم بين أن الطيب يخرج نباته علمنا أن التيمم يجزي بما يخرج نباته، وأن ما لا يخرج نباته لا يجزئ التيمم به.

  فإن قيل: إنكم لا تقولون بدليل الخطاب، فكيف يسوغ لكم أن تدعوا أن ما لا يخرج نباته ليس بطيب؟

  قيل له: ليس الاستدلال به من الوجه الذي قدرت، بل وجه الاستدلال منه هو: أن الألف واللام لما دخلا على البلد الطيب دلا على الجنس؛ لأنهما إذا لم يدلا على المعهود دلا على الجنس؛ فكأنه تعالى قال: كل البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، فيعلم أن ما لا يخرج نباته ليس بطيب.


(١) - الزرنيخ: حجر ملون منه أبيض وأحمر وأصفر، وقيل: هو عنصر شبيه بالفلزات له بريق الصلب ولونه ومركباته سامة يستخدم في الطب وفي قتل الحشرات. (قاموس فقهي عن المعجم الوسيط (زرنخ) (١/ ٤٠٧).

(٢) مجموع الإمام القاسم (٢/ ٥١١). والبرذعة هي: الحِلس الَّذِي يُلقى تَحْتَ الرَّحْلِ، وَالْجَمْعُ البَراذِع، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الحِمار. (لسان العرب).

(٣) المنتخب (٦٧).

(٤) في (ب): فلما أمر أن يتيمم بالصعيد.