شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها

صفحة 527 - الجزء 1

  وروى أبو بكر الجصاص بإسناده، عن جابر بن سمرة، قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله ÷ فسلم أحدنا أشار بيده من عن يمينه ومن عن يساره، فلما صلى قال: «ما بال أحدكم يومئ بيده كأنها أذناب خيل شمس؟ أما يكفي أو ألا⁣(⁣١) يكفي أحدكم أن يقول هكذا، وأشار بإصبعه، يسلم على أخيه [من] عن يمينه و [من⁣(⁣٢)] عن يساره»⁣(⁣٣)، فدل ÷ على أن ذلك سلام على الحاضرين، فينبغي أن ينويهم حتى يقع موقعه.

  على أن قول القائل: «السلام عليكم» مخاطبة تقتضي المخاطب، ولا بد من أن يقصد إلى أن يكون الخطاب خطاباً له، ولا مخاطب قيل فيه ذلك إلا الحفظة من الملائكة والحضر من المسلمين معه في الصلاة، فوجب أن ينويهم بالسلام.

فصل: [في أنه لا يحل الصلاة إلا التسليمتان وأنهما فرضان]

  قال في المنتخب⁣(⁣٤): «ولا يحل الصلاة إلا التسليمتان، ولا صلاة إلا بتسليمتين» فكأنه جعلهما جميعاً فرضين.

  والأصل فيه: ما ثبت من النبي ÷ أنه كان يسلم تسليمتين على ما بيناه، وقد قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، فثبت وجوبهما، وقد بينا فيما مضى أن أفعاله ÷ في الصلاة تدل على الوجوب؛ لأنها بيان لمجمل واجب، فوجب بهذا أيضاً أن تكون التسليمتان واجبتين.

  وليس لأحد أن يقول: إن الأذكار لا ينطلق عليها اسم الصلاة؛ لأن الاسم يتناول جملتها، وجملتها مشتملة على الأفعال والأذكار، وفي حديث معاوية بن


(١) في (أ، ج، د): لا.

(٢) ما بين المعقوفين من (ب).

(٣) شرح مختصر الطحاوي (١/ ٢٤٦، ٢٤٧).

(٤) المنتخب (٩٣).