شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

صفحة 309 - الجزء 5

  وقلنا: إن في لسان الأخرس حكومة لأنه لا نفع له، وهذه الديات تجب في الأعضاء لما فيها من المنافع، وهذا ما لا خلاف فيه، وكذا القول في العين العمياء إذا فقئت.

  وقلنا: إن المعاني كالأعضاء لما فيها من المنافع؛ بدلالة أن منافعها إذا ذهبت رجعت الديات إلى الحكومات.

مسألة: [في دية الشفتين]

  قال: وفي الشفتين إذا قطعتا الدية، وتفضل السفلى على العليا بشيء على ما يراه الحاكم⁣(⁣١).

  وذلك لقوله ÷ في حديث عمرو بن حزم: «في الشفتين الدية» وقد بينا الوجه فيه وفي نظائره.

  وأما ما قال: إن السفلى تفضل بشيء لأنه قد ثبت أن الديات إنما هي للمنافع، وقد علمنا أن الانتفاع بالسفلى أكثر، وليس ما بينهما في باب النفع ما بين اليمنى واليسرى، بل هو أكثر وأظهر؛ لأن الطعام بها يمسك.

  فإن قيل: فيما رويتم عن علي #: (في إحدى الشفتين نصف الدية) وهذا يمنع التفاضل.

  قيل له: ورى عاصم بن ضمرة عنه: (في الشفتين الدية، وفي اليدين الدية، وفي الرجلين الدية) فمن روى في إحدى العينين نصف الدية يجوز أن يكون قال: وفي إحدى الشفتين نصف الدية، فيكون ذلك من قول الراوي، رآه # قال في موضع: (في العينين الدية) وفي موضع: (وفي إحدى العينين نصف الدية) ثم رآه قال: (في الشفتين الدية)، فظن أن حكمهما حكم العينين فقال: في إحداهما نصف الدية. ويمكن أن يحمل قوله: في إحدى الشفتين نصف الدية على ما يقارب نصف الدية.


(١) الأحكام (٢/ ٢١٩) والمنتخب (٥٨٧).