شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في جناية الرهن

صفحة 437 - الجزء 4

  أسقطنا الضمان في ذلك عن المرتهن.

  ويدل على ذلك قوله ÷: «لصاحبه غنمه وعليه غرمه».

  وهذا غرم الرهن، فيجب أن يكون على سيده، كما أن العبد لو اكتسب لكان ذلك الغنم لسيده، كذلك إذا غرم بالجناية كان الغرم على سيده.

  قال: وإن كان الراهن معدماً انتظر بالعبد إلى أن يجد الراهن ما يوفر على المرتهن، فإذا وجد ذلك حكم على العبد بما يلزمه من قتل أو غيره.

  ووجهه: أنهما حقان تعلقا به على وجه واحد؛ لأنهما حقان تعلقا برقبته، فكان تقديم ما ليس فيه إفاتة النفس أولى، كالحدين إذا اجتمعا على رجل وكان في أحدهما إفاتة النفس كان تأخيره أولى، كأن سرق وزنى وهو محصن، وذلك أن النفس إذا فاتت بطل الحق الذي هو غير إفاتة النفس. وليس يلزم عليه الفقير الذي عليه الدين ويقتل عمداً في أن القتل يقدم؛ لأن الحقين لم يتعلقا به على وجه واحد؛ لأن القود تعلق برقبته، والدين تعلق بذمته، ونحن إنما قلنا ذلك في الحقين المتعلقين به على وجه واحد، ألا ترى أن المعدم بعد القتل يجوز أن يظهر له مال يوفي ذمته⁣(⁣١)؟ وإذا قتل العبد بطل حق المرتهن المتعلق برقبته من الاحتباس والتوثقة.

  فأما إذا كان القتل خطأ فهو مثله؛ لأنه لم يفرق بينهما أحد، ولأنه أيضاً في حكم إفاتة النفس في معنى بطلان حق المرتهن من التوثقة والاحتباس بحقه، إلا أن يفديه صاحبه بالدية فله ذلك، ويبقى العبد رهناً، فلا يكون على المرتهن ضرر.

مسألة: [في العبد المرهون يغصب مالاً ويستهلكه]

  قال: ولو أن رجلاً ارتهن عبداً فاغتصب العبد مالاً لرجل واستهلكه كانت جنايته على الراهن، ولم يضمنها المرتهن⁣(⁣٢).


(١) في (هـ): بذمته.

(٢) المنتخب (٤٢٤).