باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن
  وتؤخذ الجزية منهم، والأخف كفراً هم أهل الكتاب، فيجب(١) أن يميزوا عن المجوس، ولا تمييز(٢) إلا ما ذكرناه من استباحة نسائهم وذبائحهم.
  قيل له: هذا اعتبار يبطله النص، وهو قول النبي ÷: «سنوا بهم - يعني المجوس - سنة أهل الكتاب»(٣) فوجب ألا يفرق بينهم وبين المجوس. على أن المسلمين أجمعوا على أنه لا يفرق بينهم، وأن(٤) المسلمة لا تحل لأحد منهم، فكذلك لا يمتنع ألا يفرق بينهم وأن واحدة منهم لا يجوز أن يتزوجها(٥) مسلم؛ إذ التمييز بينهم في كل وجه لا يجب.
  ولا معنى لدعوى من يدعي الإجماع في إباحة نكاحهن، فقد ذكر أبو العباس الحسني في النصوص ذلك عن عدة من أهل البيت $ بأسانيده.
مسألة: [في عدم جواز التناكح بين أهل الملل المختلفة]
  قال: وكذلك القول في كل أهل ملتين مختلفتين، لا يتزوج اليهودي نصرانية، ولا النصراني يهودية ولا مجوسية، ولا المجوسي يهودية ولا نصرانية.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٦).
  ووجه هذه المسألة: بيان تحريم الكتابيات على المسلمين - إذ لا خلاف في تحريم المسلمات على الكتابيين، وقد مضى في تحريم الكتابيات على المسلمين ما فيه كفاية - ثم بيان أن ملل الكفر مختلفة ووجه بيان القياس فيه.
  والذي يدل على أن الكفر ملل مختلفة: أنا وجدنا ما يتمسك به كل فريق منهم من دين وشريعة يخالف بعضه بعضاً في أصله وفرعه ومورده ومصدره
(١) في (ج): فوجب.
(٢) في (أ): تميز.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٣٦) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٣١٩).
(٤) في (ج): في أن.
(٥) في (ج): وأن واحدة منهم لا يتزوجها.
(٦) الأحكام (١/ ٣٥٧).