شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن

صفحة 23 - الجزء 3

  وتؤخذ الجزية منهم، والأخف كفراً هم أهل الكتاب، فيجب⁣(⁣١) أن يميزوا عن المجوس، ولا تمييز⁣(⁣٢) إلا ما ذكرناه من استباحة نسائهم وذبائحهم.

  قيل له: هذا اعتبار يبطله النص، وهو قول النبي ÷: «سنوا بهم - يعني المجوس - سنة أهل الكتاب»⁣(⁣٣) فوجب ألا يفرق بينهم وبين المجوس. على أن المسلمين أجمعوا على أنه لا يفرق بينهم، وأن⁣(⁣٤) المسلمة لا تحل لأحد منهم، فكذلك لا يمتنع ألا يفرق بينهم وأن واحدة منهم لا يجوز أن يتزوجها⁣(⁣٥) مسلم؛ إذ التمييز بينهم في كل وجه لا يجب.

  ولا معنى لدعوى من يدعي الإجماع في إباحة نكاحهن، فقد ذكر أبو العباس الحسني في النصوص ذلك عن عدة من أهل البيت $ بأسانيده.

مسألة: [في عدم جواز التناكح بين أهل الملل المختلفة]

  قال: وكذلك القول في كل أهل ملتين مختلفتين، لا يتزوج اليهودي نصرانية، ولا النصراني يهودية ولا مجوسية، ولا المجوسي يهودية ولا نصرانية.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٦).

  ووجه هذه المسألة: بيان تحريم الكتابيات على المسلمين - إذ لا خلاف في تحريم المسلمات على الكتابيين، وقد مضى في تحريم الكتابيات على المسلمين ما فيه كفاية - ثم بيان أن ملل الكفر مختلفة ووجه بيان القياس فيه.

  والذي يدل على أن الكفر ملل مختلفة: أنا وجدنا ما يتمسك به كل فريق منهم من دين وشريعة يخالف بعضه بعضاً في أصله وفرعه ومورده ومصدره


(١) في (ج): فوجب.

(٢) في (أ): تميز.

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٣٦) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٣١٩).

(٤) في (ج): في أن.

(٥) في (ج): وأن واحدة منهم لا يتزوجها.

(٦) الأحكام (١/ ٣٥٧).