باب القول في إمامة الصلاة
  الفجر، فلما سلم قال: «أتقرأون خلفي؟» قلنا: نعم يا رسول الله، قال: «فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب»(١).
  [قلنا: هذا معارض بخبرنا، وما روى جابر بن عبدالله، عن النبي ÷ أنه قال: «من صلى صلاة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب فهي خداج، إلا خلف الإمام»، فاستثنى من الخداج صلاة من صلى خلف الإمام، فإذا تعارضا وجب الرجوع إلى ظاهر قول الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ}[الأعراف: ٢٠٤]، على أنا نحمله أن](٢) المراد به في غير المجهور فيه؛ بدلالة سائر الأخبار والأدلة التي مضت.
  ويبين ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يحيى(٣) بن نصر، قال: حدثني يحيى بن سليمان(٤)، قال: حدثنا مالك، عن وهب بن كيسان، عن جابر، عن النبي ÷ أنه قال: «من صلى ركعة فلم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل، إلا أن يكون وراء الإمام»(٥). فدل هذا من قوله ÷ على ما قلناه من تأويل حديث عبادة.
مسألة: [في جواز تتابع الجماعات في مسجد واحد]
  قال: ولا بأس أن يصلى في مسجد واحد جماعة بعد أخرى.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٦).
  وذلك لقوله ÷: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرادى بخمس وعشرين درجة»(٧)، وعمومه يقتضي تفضيل الجماعة على الأحوال كلها، إلا
(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٢١٥).
(٢) ما بين المعقوفين من (د).
(٣) الصواب: بحر بن نصر ويحيى بن سلام كما في شرح معاني الآثار للطحاوي. (كاشف مفيد).
(٤) الصواب: يحيى بن سلام، كما في شرح معاني الآثار.
(٥) شرح معاني الآثار (١/ ٢١٨) وفيه: إلا وراء الإمام.
(٦) الأحكام (١/ ١١٩).
(٧) أخرجه البخاري (١/ ١٣١) وابن ماجه (١/ ٢٥٩).