باب القول في صفة من توضع فيهم الزكاة
مسألة: [في الصنف الأول والثاني والثالث: الفقراء والمساكين والعاملين عليها]
  قال: والأصناف الثمانية هم: الفقراء، وهم الذين لا يملكون إلا المنزل والخادم وثياب الأبدان وما أشبه ذلك.
  والمساكين، وهم: الذين يربون على الفقراء في الضعف والفاقة ومساس الحاجة.
  والعاملون عليها، وهم: الجباة لها المتوكلون(١) لأخذها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢).
  ولا خلاف في هذه الجملة، إلا ما ذكرناه من أن المسكين أضعف حالاً من الفقير.
  أما ما يأخذه العامل فإنه جار مجرى الأجرة على عمله، وإن لم يكن ذلك إجارة محضة، فيجب أن يعطى على قدر عمله.
  وذكر أبو العباس الحسني أنه لا حق لبني هاشم في ذلك، واستدل أن فئة من بني هاشم سألوا النبي ÷ أن يوليهم شيئاً من الصدقات ليصيبوا منها ما يصيب الناس، ويؤدوا ما يؤدون، فامتنع، وقال: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد؛ إنما هي أوساخ الناس»(٣).
  وفيه من جهة النظر: أنهم لما لم يجز أن يأخذوها بسائر الأسباب لم يجز أن يأخذوها بالعمالة، والمعنى أنها سبب أحد الأصناف الثمانية في أخذ الصدقة، فقلنا(٤): إنهم لا يأخذونها بالعمالة كما لا يأخذونها بسائر الأسباب.
  وأما كون المساكين أضعف حالاً من الفقراء فليس فيه كثير تعلق بالفقه على أصولنا؛ لأن شيئاً من حكم الصدقات فيه ما لا يتعين(٥) أيهما كان(٦) أضعف حالاً.
(١) في (د): المتولون. وعليها: المتوكلون. نسخة.
(٢) الأحكام (١/ ١٨٦).
(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٧٥٢)، وأحمد في المسند (٢٩/ ٦٤).
(٤) في (أ، ج، د): وقلنا.
(٥) في (د) ونسخة في (ب): يعتبر.
(٦) «كان» ساقطة من (د).